191

Tarbiya Fi Islam

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Genres

واتبع ابن خلدون - المتوفى عام 808ه - مذهبا مخالفا للفلاسفة والمتكلمين والمتصوفة وأهل السنة، وهو المذهب الذي ابتدعه وسبق به عصره، نعني المذهب الاجتماعي.

ذلك أن الإنسان حيوان مفكر اجتماعي، خاضع في صلة بعضه ببعض لقوانين اجتماعية، في جميع أمور معاشه وعمرانه.

ويمتاز الإنسان عن الحيوان بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه، والتعاون عليه بأبناء جنسه، والاجتماع المهيئ لذلك التعاون. «وعن هذا الفكر تنشأ العلوم.» «فيكون الفكر راغبا في تحصيل ما ليس عنده من الإدراكات، فيرجع إلى من سبقه بعلم، أو زاد عليه بمعرفة أو إدراك، أو أخذه ممن تقدمه من الأنبياء الذين يبلغونه لمن تلقاه فيتلقى ذلك عنهم.»

52

فالتعليم ضروري وطبيعي في البشر لحاجة الإنسان إلى معرفة العلوم المختلفة التي لا تتيسر بالفهم والوعي فقط، بل بملكة خاصة. «والحصول على هذه الملكة في العلم أو الفن يكون بالتعليم. ولهذا كان السند في التعليم في كل علم أو صناعة إلى مشاهير المعلمين فيها معتبرا عند أهل كل أفق وجيل.»

53

وانتشار التعليم، وتقدم العلم، متوقفان على الحضارة، «والمثال في ذلك أن القيروان وقرطبة كانتا حاضرتي المغرب والأندلس، واستبحر عمرانهما، وكان فيهما للعلوم والصنائع أسواق نافقة، ورسخ فيهما التعليم، فلما خربتا انقطع التعليم من المغرب إلا قليلا.»

54

والتفاوت بين الناس ناشئ عن حصول الملكات بواسطة التعليم، على عكس ما يظنه بعض الناس من أن هذا التفاوت راجع إلى اختلاف في حقيقة الإنسانية.

55

Unknown page