============================================================
السهيد ش معالمر العدل والنوحيل ولا قدام، فلئن جاز إثبات موصوف بهذه الصفات جاز إثبات موجود غير موصوف بالقدم والحدوث، وهذا لا يعقل.
وجوابه من وجهين: أما أولا فلا نسلم أنه لا يعقل؛ لأن صريح العقل لا يأبى إثبات موجود لا في جهة، وكيف يأباه وقد قامت عليه الأدلة، ولكن يأبى خلو الشيء عن ثبوت الأولية ولا ثبوتها، فقياس أحدهما على الآخر بعيد.
و أما ثانيا فما تعنون بقولكم إنه لا يعقل إثبات ذات لا في جهة ؟ أتعنون أنه لا يوجد لها نظير في الشاهد، أو تعنون أنه لا يمكن اعتقاده، فإن عنيتم الأول فهو نفس ما نريده؛ لأن مرادنا إثبات ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات والنظائر. وإن عنيتم الثاني فهو خطأ، لأن العقلاء قد اعتقدوه وأيضا فإذا جاز إثبات ذات ليست حجما ولا عرضا جاز إثبات هذه الذات لا في جهة لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا خلف ولا قدام.
الشبهة الثانية قالوا: قد دلت الأدلة على إثبات ذاته تعالى، فلو قلنا إنه تعالى لا في جهة لكان ذلك نفيا لذاته، والله يتعالى عن ذلك.
وجوابه قد زعمتم أن إثبات ذاته مع القول بأنها غير حاصلة في الجهة يكون نفيا لذاته، فهل تقولون إن حقيقة ذاته هو الحصول في الجهة، أو تقولون إن ذاته حقيقة مخصوصة حاصلة في الجهة، فإن أردتم الأول كان باطلا؛ لأن الحصول في الجهة وصف عارض للجسم والعرض ودليل حدوثهما، فلو كان تعالى بهذه الصفة لكان محدثا، وقد ثبت قدمه.
ال وان أردتم الثاني فقد أبطلتم قولكم إن نفي الجهة عنه يكون نفيا لذاته، فليس نفيا لذاته، وانما هو نفي لحكم تابع لذاته، وهو الحصول في الجهة.
Page 277