234

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والترحيل والكلام على النجارية قد مر في المسألة الأولى، والكلام على الأشعرية والكلابية قد مر في ابطال المعاني القديمة.

المسألة الثالثة في إرادة الكائنات ذهب القائلون بالعدل من الزيدية والمعتزلة إلى أن الله مريد لجميع أفعاله ما خلا الإرادة والكراهة وأنه تعالى مريد لجميع الطاعات من أفعالنا ما حدث منها وما لم يحدث وأنه تعالى كاره لجميع المعاصي ما حدث منها وما لم يحدث.

وذهب سائر فرق المجبرة من الأشعرية والكلابية والنجارية إلى أنه تعالى مريد لجميع ما حدث من الممكنات طاعة كان أو معصية، وأنه لا كائن في عالمنا إلا وهو متعلق بإرادته، ومالم يحدث منها فإنه تعالى لا يريده طاعة كان أو معصية.

والمقصود من الكلام في المسألة يتعلق بطرفين: الأول في آنه تعالى مريد لجميع الطاعات ما حدث منها وما لم يحدث. ويدل عليه مسلكان: الأول أن الله أمر بالطاعات، والآمر بالشيء يجب أن يكون مريدا له، فيجب أن يكون الله تعالى مريدا لجميع الطاعات. وإنما قلنا إنه تعالى آمر؛ فلما قررناه في الإرادة ولتسليم الخصم ولاتفاق المسلمين على كونه تعالى آمرا بالطاعات، وإنما قلنا إن الآمر بالشيء يجب أن يكون مريدا له فلأمرين: أما أولا فلأن صيغة أفعل قد تقع أمرا مرة ولا تقع أمرا مرة أخرى، بأن تصدر عن الساهي، فلا بد من أمر لمكانه كان آمرا، فلا يخلو إما أن يكون آمرا لذاته أو لغيرها، وهلم جرا إلى سائر التقسيم الذي ذكرناه في الإرادة، فلم يبق إلا أن يكون أمر الإرادة المأمور به.

Page 234