129

============================================================

السهيد شح معالم العدل والنوحيل الله تعالى يفعل ذلك الفعل مطابقا لداعية العبد، وبكونه محتملا يبطل الاستدلال، ثم نقول: ان ما ذكرتموه من وجوب وقوف فعل العبد على دواعيه لا يفيد المطلوب بكونه محدثا له؛ لأن حصول فعل العبد عند توفر دواعيه ليس بأظهر من حصول الشبع للحي السليم عند تناول الغذاء الطيب وحصول الري عقيب شرب الماء البارد وحصول النبت عند إلقاء البذر في الأرض الجدبة مع حصول الشرائط من السقي بالماء والشمس وغير ذلك، فإذا كانت هذه الأمور واجبة الحصول عند هذه الأشياء ومع ذلك لم تعلق بها فكذا أيضا اا و جوب حصول فعل العبد عند الداعية لا تعلق به، ثم لثن سلمنا وجوب حصول فعل العبد عند داعيته فلم قلتم إنه لا بد لذلك الفعل من مؤثر فضلا عن أن يكون المؤثر فيه قدرة العبد؟ وهلا جاز أن يكون حاصلا لا لأمر كما في صور من مذهبكم، منها أن الذوات مشتركة في كونها ذواتا، ثم إن بعض الذوات مختصة بصفة ذاتية يجب حصولها لتلك الذات ويمنع حصوها لغيرها من الذوات، وهذا الوجوب لا يعلل بأمر؛ لأنه بأي شيء علل فسد.

فهكذا الوجوب في فعل العبد لا يعلل أيضا، ومنها أن العرض المعين يجب اختصاصه بالمحل مع أن ذلك المحل مثل لسائر المحال، وذلك الوجوب لا يعلل أيضا؛ لأنه بأي شيء علل بطل. ومنها أن الأعراض التي لا تبقى تختص صحة حدوثها بالوقت المعين مع كون ذلك الوقت مساويا لسائر الأوقات. ومنها أن القادر يفعل أحد مقدوريه دون الآخر لا لأمر؛ لأنه بأي شيء علل فسد.

فإذا رأينا أن الوجوب في الصحة والاستحالة قد يحصل في بعض المواضع وبعض الأوقات لا لأمر فلم لا يجوز أن يقال: إن الفعل الذي حدث عند توفر الدواعي اختص وجوب حدوثه بذلك الوقت دون الوقت الذي قبله وبعده لا لأمر، وحينئذ لا نحتاج إلى مؤثر أصلا، ثم لئن سلمنا أنه لا بد لهذه الأفعال من مؤثر فلم لا يجوز أن يكون المؤثر فيها

Page 129