Taj Manzur
التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط
Genres
فهذا أصل ما تعبد به من أمر السؤال في شأن دينه فما لزمه علمه فلا يعذر بجهله، وقد علم الله أنه لا طاقة له بالعلم أو لا يصل إليه إلا بمعبر أو بعقل، فإذا كان عاقلا سالما مفرقا بعقله لزمه أن يعلم به ولو لم يسمع بالتعبير، ويوحد به خالقه، ويصفه بما يليق به ويعرف به نفسه، وأنه محدث وأن كل معقول ومحسوس فهو محدث، وأن صفات القديم غير صفات المحدث، وأن ذاته العلية مباينة لسائر الذوات، فهذا ما لا يسعه(22) جهله إن كان عاقلا كما وصفنا وإلا فالله لم يكلفه فوق طاقته، وما لا يصل إليه من الدين الذي تعبد به إلا بمعبر فإن كان بأرض قامت على أهلها الحجة بالتعبير عن الدين فلا يسعه إلا أن يعلم بالجملة وما تضمنته، وإن كان(23) بمحل بلغه فيه اسم الرسول لزمه أن يعلمه باسمه، ويؤمن به على ما قامت به الحجة على أهله من أمره، وإن لم يبلغ محله علم ذلك ولا سمع هو من البلدان به فعليه مع علمه بخالقه أن يعلم أن له طاعة تعبد بها(24) عباده، وأن لهم فيها عليه ثوابا، وعليهم عقابا منه إن تركوها(25)، وأن له رسولا إلى خلقه بدينه، وأن يصدق به إذا سمع به، وأن يعتقد السؤال عن كل ما يلزمه، وقد مر كل ذلك. وقيل كل من لم يصل علمه إلى شيء فهو معذور بجهله أياه، مطروح عنه التعبد به، والعلم به، والسؤال عنه لأنه لم يعقله، وهو كالذاهب العقل، وإن لم يعقل شيئا كان متعبدا بالتمسك بما عقل فقط، وعليه أن يعلم ما لزمه علمه في خاصة نفسه.
.فصل
لزم -كما مر- من بلغ وعقل أن يعلم أن له خالقا، وأنه ليس كمثله شيء، وأن يصدق بالرسول وبما جاء به، وبالقرآن، ويعمل بما فيه، وأن يرجع في تفسيره إلى الثقات. وإن وجد [49] مختلفين في شيء من أمر الدين فعليه أن يستدل بالقرآن وبالسنة، فإذا اجتهد في طلب موافقة رضى الله فلابد أن يهجم على مطلوبه لأنه تعالى لم يتعبد أحدا بشيء ثم يعدمه دليلا عليه، فإذا وجد اختلافا فلا يجمع بين مختلفين في الدين، فالواجب على الضعيف أن يقف ويسأل عن حكم ما اختلفوا فيه.
ومن نشأ بعد عصر أهل الأحداث، ووجد إجماعا على حكم في حدث أن فعليه(26) يسلم لهم لأنه حجة؛ وأن يسأل إن وجد اختلافا، وأن يصدقهم فيما أخبروه به من أمر الأحداث إن كانوا عدولا، وأن يقلدهم فيما جاز فيه، وهو مالم ينه عليه في الثلاثة، ورد الله فيه الأمر إلى العلماء.
Page 98