147

Taj Manzur

التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط

Genres

وضعيف القلب يكون بين توكل وتردد، وفتور وتحير. وروي: ((من سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده)).

والتوكل هو الطمأنينة بما وعد الله، {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} (سورة الطلاق: 3).

وقيل: إن الرزق مضمون ومقسوم ومملوك وموعود، فالمضمون كفاية الغذاء وما به قوام الجسم، لأن الله سيدنا ونحن عبيده، والمقسوم هو ما قسم في اللوح المحفوظ مما يأكله العبد ويشربه، لا يزيد ولا ينقص، ولا يتقدم ولا يتأخر، والمملوك ما يملكه الإنسان حسبما قدر له، والموعود ما وعده الله للمتقين، والتوكل أيضا انقطاع القلب إلى الله والإياس من غيره، وأن توطن قلبك على أنه تعالى سد خلتك، وكفاك عمن سواه، ولكن إما بسبب أو بغيره، فمن كان هكذا فهو متوكل.

ورجح قوم التوكل، وآخرون الاكتساب، وثالثها الاختلاف باختلاف الناس، وهو المختار. فمن كان في توكله لا يستشرف إلى ما في [78] أيدي الخلق، فالتوكل له أفضل، ومن كان بعكسه، فالاكتساب له أفضل، ومن ثم قيل: إرادة التجريد مع داعية الأسباب شهوة خفية، وسلوك الأسباب مع داعية التجريد انحطاط عن الذروة العلية.

وقد يأتي الشيطان بإطراح جانب الله تعالى في صورة الأسباب، وبالكسل والتماهن في صورة التوكل؛ والموفق يبحث عن هذين الأمرين، ويعلم أنه لا يكون إلا ما يريد(75) الله، ويكفي في الأخطار والمخاوف التفويض إلى الله سبحانه، لأن العبد إذا حضرته أموره الخطرة المبهمة وفوض أمرها إلى الله سبحانه، علم أنه لا يقع إلا في صلاح وخير، فيكون آمنا من الخطر، فإذا فكر في العواقب، وجد كم من شر في صورة خير، وبالعكس.

والجاهل إذا أخذ في الأمور باختياره هلك وهو لا يشعر.

Page 147