310

Taḥrīr al-Taḥbīr fī ṣināʿat al-shiʿr waʾl-nathr wa-bayān iʿjāz al-Qurʾān

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Editor

الدكتور حفني محمد شرف

Publisher

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

وتشبيه بغير أداة، إذ شبه عدوه بعد جريه شوطين، وعرقه بهزيز الريح تمر بهذا الشجر الذي يسمع للريح فيه هزيز كفيف الفرس الحاد إذا خرق الريح بشدة عدوه، فكل معنى من هذين المعنيين مشاكل لصاحبه إذ الجامع بينهما وصف الفرس بشدة العدو، غير أن قدرة الشاعر تلاعبت به، فأبرزته في صور مختلفة، فهذا ما شاكل الشاعر فيه نفسه.
وأما ما شاكل فيه غيره فكقول جرير بسيط
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا
فإن مشاكلة قول عدي بن الرقاع كامل:
وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده النعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم
فالمشاكلة بين الرجلين من جهة أن كلا منهما وصف العيون بالمرض والفتور، فأبرز معناه في صورة غير الصورة الأخرى بحسب قوة عارضته في السبك، وحسن اختياره الفظ، وجودة ذهنه في الزيادة والنقص في التفضيل بين هذين الشعرين: شعر جرير، وعدي، بحيث لا يسعه هذا المكان. وقد اعترض على بيت عدي الأول بما اعترض به على بيت أبي تمام الذي يقول فيه طويل:

1 / 395