101

Tahrir Tahbir

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Investigator

الدكتور حفني محمد شرف

Publisher

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

موضوع الوتر، والريش الموصل، والنصل المصمى، فشبه الممدوح بالسهم الجامع لمصالح الطرفين، ولما كان الريش والفوق في طرف واحد كانا معًا مقابلين للنصل، إذ هو في الطرف الآخر، ولم يضر تعدادهما. وهو يريد الطرف الجامع لهما على أن الإخلال بصحة التقسيم في ظاهر اللفظ لا يفسد صحة المقابلة، فرب كلام وقع في ظاهر لفظه إخلال ببعض أقسامه، لكون ذلك القسم لم يذكر فيه بالفعل، وكان مذكورًا فيه بالقوة في باطنه، فجاء ظاهر لفظه يوهم الإخلال وهو بريء منه، كما جاء في قوله تعالى: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلًا " فقدم في صدر الكلام أمران: الوعد بالفقر، والأمر بالفحشاء، ثم قابل الشيئين في الظاهر بشيء واحد وهو الوعد. فأوهم أنه أخل بذكر الأمر، وليس كذلك، وإنما لما كان الفضل مقابلًا للفقر، والمغفرة مقابلة للأمر بالفحشاء لأن الفحشاء توجب العقوبة. والمغفرة تقابل العقوبة، استغنى بذكر المقابل عن ذكر مقابله، لأن ذكر أحدهما ملزوم ذكر الآخر، ومثل ذلك من الشعر الفصيح قول القائل وافر: أسرناهم وأنعمنا عليهم ... وأسقينا دماءهم الترابا فما صبروا لبأس عند حرب ... ولا أدوا لحسن يد ثوابًا

1 / 183