309

الجهة الأولى: تقرير أن أحمد بن عيسى وسائر الشيعة ضعفاء، وهي دعوى باطلة لا أساس لها من الصحة ولا دليل عليها، وإنما هي دعاية نشرها أعداؤهم عداوة لهم ومحاربة لحديثهم، وليس من الإنصاف أن يصدقوا فيهم لأن لهم باعثا على الدعاية وهو البغض والرغبة في إبطال أحاديثهم المخالفة لمذهب العثمانية حماية لمذاهبهم وحرصا على إبطال حجج الشيعة.

ولهم مع هذا الباعث شبهة وهي التجربة الفاسدة وهي أنهم يرونهم يروون أحاديث ضعيفة بزعمهم ولذلك قرروا أنهم ضعفاء.

والجواب عن هذه الشبهة: أن الضعيف إنما هو من فيه علامة للضعف كأن يروي الأحاديث الضعيفة سواء أكان شيعيا أم عثمانيا. فلماذا تجعلون التشيع سمة الضعف ؟ ثم انا لا نسلم ذلك في غالب الشيعة، وإنما السبب أن العثمانية يعتقدون تلك الروايات ضعيفة لمخالفتها ما تقرر عندهم من مذهبهم أو من حديثهم المبني على توثيقهم لرواتهم وتعظيمهم لمذهبهم وحسن ظنهم فيمن كان منهم ويروي ما يوافق مذهبهم ولا يروي ما ينكرون، فالسبب راجع إلى حبهم لطريقتهم وفرحهم بما لديهم، كما قال تعالى: ] فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون [(1)[156]) فيقال لهم: فلماذا لا يكون للشيعة الحق في أن ترى رواة العثمانية ضعفاء لأنهم يروون ما يخالف مذاهب الشيعة وما هو الثابت عندهم بالأدلة الصحيحة، وترى رواة الشيعة ثقات لأن حديثهم مستقيم وموافق للكتاب والسنة المعلومة تارة، أو غير مخالف لما صح وثبت تارة أخرى ؟ والمخالف النادر لا يجرح به الراوي لأنه يحمل على الخطأ إذا كان ظاهره الصلاح لا على تعمد الكذب. فظهر بطلان الجهة الأولى التي هي تقريرهم أن الشيعة ضعفاء.

Page 315