Taḥrīr al-afkār
تحرير الأفكار
ويعزى إليه كل ما لا يقوله***لتنقيصه عند التهامي والنجدي وهذا واضح وقد دللنا عليه فيما مضى. وكلام الزيلعي هنا في أحمد بن عيسى من دلائل أنهم يجرحون بسبب رواية ما يخالف مذهبهم، وأنهم يتحاملون على المخالفين لهم ويتعنتون، فإن راوي هذا الحديث عن أحمد بن عيسى قد ضعف فكان القياس أن لا يجرح به أحمد بن عيسى مع أنه لم يصح عنه. لكنه أبى إلا أن يجعل أحمد بن عيسى هو الذي وضعه ويحتج به على زعمه أنه كذاب، وذلك لحرصه على جرحه وجريه على عادتهم في التساهل في جرح الشيعة وقلة التثبت فيه، لأنه ينفق في سوقهم بسهولة. هذا ونحن لا نسلم الجرح بهذه الرواية عن ابن أبي فديك وإن كان ثقة مشهورا مخرجا له في الصحيحين لأن معنى هذا أنه ليس هو الواضع، وكذا من فوقه إلى ابن عمر. فتعين أن الواضع لها بزعم الزيلعي أبو الطاهر، وهذا تفريع على أنها موضوعة ولكن دعوى أنها موضوعة لا دليل عليها، بل هي أي رواية أحمد بن عيسى أولى بأن تقبل هي وما ناسبها من روايات الجهر، وكثرة الشواهد تبطل دعوى الواضع. أما احتجاجه لهذه الدعوى بأنها مخالفة لحديث أنس الذي تقدم ذكره وتنويع ألفاظه إلى سبعة أنواع فقد بان فساد الاحتجاج به بما قدمنا. والألفاظ الصريحة في ترك الجهر أو ترك الذكر قليلة جدا، وحملها على التوهم حمل قريب لما قدمنا من الحجة. فكيف تجعل دليلا على أن ما عارضها موضوع يجرح به الراوي ؟
ولعل قائلا يقول: هذا صحيح، ولكن الحديث الغريب الذي يتفرد به الراوي الضعيف عن أحد المشاهير الذين روى حديثهم جمهور من أهل الحديث ولم يذكروا ذلك الحديث يكون راويه متهما، لأنه لو كان المحدث المشهور رواه لرواه الرواة عنه ولما تفرد به الراوي الضعيف فلذلك يكون متهما بوضعه.
والجواب، وبالله التوفيق: إن الغلط في هذا من جهتين:
Page 314