Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Genres
قلنا: أراد كل شيء مخلوق، وفيها ?فاعبدوه? فيدل أن العبادة ليست من خلقه، كما يقول السيد لغلامه: "حملت كل شيء فاحمل الدواة"، وقوله: ?والله خلقكم وما تعملون?[الصافات:96] يعني المعمول فيه، كقولهم: عمل النجار بابا.
قالوا: قال سبحانه: ?ألا يعلم من خلق?[الملك:14]؟.
قلنا: أراد خلق الأجسام وأكثر الأعراض.
ويقال لهم: أليست عندكم هذه الأفعال خلقا لله تعالى وجعلها كسبا لعباده؟ فلا بد من: بلى.
فيقال: فلم لا يجوز أن يخلق فيهم الحياة والطعم والشهوة والرائحة والجسم ويكون كسبا لهم، ويلزمهم من وجه آخر وهو أن عندهم لكل فعل قدرة على حدة فما يؤمنكم لو قال قائل: إن العبد يقدر على اختراع الأجسام والشهوة والحياة، ويحسن أن يكلف ذلك إلا أنه لا يحصل ذلك؛ لأنه ليس فيه تلك القدرة، وفي هذا ما يؤدي إلى نفي الصانع، وتجويز أن يكون العالم من فعل آخر فضلا عن إضافة الأفعال إليه؛ لأنهم إذا جوزوا أن يقدر الجسم على الجسم لم يأمنوا أن يكون العالم من فعل جسم، ولعل تلك القدرة حصلت في كثير من العباد فيخلقون الأجسام وفي هذا هدم الدين.
ويقال لهم: أيجوز أن يعذب زيدا بما يفعله عمرو؟.
فإن قالوا: نعم دفعته العقول؛ لأنه تقرر في عقل كل قبحه، فإن قالوا: لا.
قلنا: فهذا الفعل في أنه ليس بحادث من جهته كفعل عمرو.
فإن قالوا: هو كسب لنا.
قلنا: لا معتبر بالعبارات، ما الذي يحصل من جهة العبد؟.
فإن قالوا: الكسب.
قلنا: عن هذا نسألكم، وسنبين الكلام في الكسب وأنه لا يعقل.
Page 110