85

وعلى هذا يلزمهم في الأمر والنهي والحمد والذم، فيقال: الأمر يكون على نفسه أو على خلقه، فإن قالوا: لا، فهاهنا ثالث، وكذلك يلزمهم في الحدود.

ويقال لهم: هل في الشاهد قادر؟.

فإن قالوا: نعم. قلنا: بأي طريق تثبتون إذا كانت الأفعال خلقه؟ فإن قالوا: تقع بإرادة، قلنا: فما أنكرت أنه كما يخلق فيه العقل يخلق فيه الاختيار.

ويقال لهم: إذا لم تثبتوا في الشاهد فاعلا لا يمكنكم إثبات الصانع؛ لأن الطريق إلى إثباته إثبات الفاعلين في الشاهد، وقد أفسدتم على أنفسكم ذلك.

ويقال لهم: ولا يمكنكم إثبات عالم؛ لأن الطريق إلى إثباته صحة الفعل المحكم منه، فإذا كان ذلك من خلقه لا يجوز أن يخلق الفعل المحكم في الجاهل ولا يخلقه في العالم.

ويقال: إذا كانت هذه الأفعال خلق الله تعالى فما أنكر أن يتأتى لأضعف خلق الله تعالى نقل الجبال، ولا يتأتى ذلك في أقواها؛ لأنه تعالى خلق ذلك فيه.

فإن قال: اعتبر العادة.

قلنا: العادات تختلف، فوجب أن يجوز أن يحصل نقل الجبال من أضعف خلق الله والفعل المتقن من أجهل خلق الله.

ويقال: أليس قال تعالى: ?الذي أحسن كل شيء خلقه?[السجدة:7]، وقال: ?صنع الله الذي أتقن كل شيء?[النمل:88]، وقال: ?ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت?[الملك:3]، أليس الكفر متفاوتا وهو قبيح فوجب أن لا يكون من خلقه.

فإن قال: أليس الله قال: ?الله خالق كل شيء?[الرعد:16]؟

Page 109