234

Tafsir Wasit

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

Publisher

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publisher Location

الفجالة - القاهرة

Genres

هذا، وقد وردت أحاديث صحيحة صرحت بأن اليهود كانوا يحيون رسول الله ﷺ بكلام محرف لا يفطن له أكثر الناس يقصدون به الدعاء عليه بالموت، فكان الرسول ﷺ يرد عليهم بما يكبتهم ويخزيهم ومن هذه الأحاديث ما أخرجه البخاري عن أنس بن مالك قال: ١- مر يهودي برسول الله ﷺ فقال السام عليك، فقال رسول الله ﷺ (وعليك)، ثم قال رسول الله ﷺ لأصحابه- أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا، قال يقول (السام عليك) قالوا يا رسول الله ألا نقتله. قال: (لا، إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم) «١» . ٢- وأخرج الشيخان عن عائشة- ﵂ قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله ﷺ فقالوا: السام عليك قالت عائشة: ففهمتها، فقلت: عليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله ﷺ «مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله» فقلت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ قال «لقد قلت وعليكم» «٢» . ٣- وروى مسلّم عن جابر بن عبد الله قال: «سلّم ناس من اليهود على رسول الله ﷺ فقالوا السام عليك يا أبا القاسم فقال: «وعليكم» فقالت عائشة وغضبت: ألم تسمع ما قالوا: قال بلى قد سمعت فرددت عليهم، وإنما نجاب ولا يجابون علينا» «٣» . وإذن فالآية الكريمة وهي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا إلخ، وهذه الأحاديث الشريفة تثبت أن اليهود كانوا يستعملون من بين مسالكهم الخبيثة لكيد الدعوة الإسلامية القول الملتوى القبيح، والخطاب المحرف السيئ، ولكن الله- تعالى- أحبط خطتهم، ونهى المؤمنين عن استعمال الألفاظ التي كان يتخذها اليهود ذريعة لبلوغ مآربهم، وكان الرسول ﷺ يرد عليهم بما يغيظهم ويخزيهم، وبذلك ذهبت مكايد اليهود أدراج الرياح وأيد الله- تعالى- رسوله والمؤمنين بقوته ونصره. ثم نبه القرآن المؤمنين إلى ما يضمره لهم المشركون وأهل الكتاب وعلى رأسهم اليهود- من شرور وأحقاد فقال- تعالى:

(١) صحيح البخاري، باب «إذا عرض الذمي وغيره بسبب النبي. من كتاب «استتابة المتدين» ج ٩ ص ٢٠. (٢) أخرجه البخاري- واللفظ له- في باب «كيف يرد على أهل الذمة السلام، ج ٨ ص ٧٠ وأخرجه مسلّم في كتاب السلام، ج ٤ ص ١٨٠٦ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. (٣) صحيح مسلّم: باب «النهى عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم من «كتاب السلام» ج ٤ ص ١٢٠٧.

1 / 238