Al-Tafsīr al-muyassar li-Saʿīd al-Kandī
التفسير الميسر لسعيد الكندي
Genres
ويستبشرون} ويفرحون، {بالذين} بإخوانهم المجاهدين الذين {لم يلحقوا بهم} لم يقتلوا، فيلحقوا بهم {من خلفهم}، يريد الذين من خلفهم قد بقوا بعدهم، من إخوانهم الذين تركوهم أحياء في الدنيا، على مناهج الدين والجهاد، ولعلمهم أنهم إذا اسشتهدوا أو لحقوا بهم، نالوا من الكرامة ما نالوا هم، وهم قد تقدموهم. {ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون(170)} المعنى: أنهم يستبشرون بما تبين لهم من أمر الآخرة، وحال من تركوا خلفهم من المؤمنين، وهو أنهم إذا ماتوا أو قتلوا، كانوا أحياء حياة لا يكدرها خوف وقوع محذور، وحزن فوات محبوب. والآية تدل على الإنسان غير الهيكل المحسوس، بل هو جوهر مدرك بذاته لا يفنى بخراب البدن؛ ولا يوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه، ويؤيد ذلك قوله تعالى في آل فرعون (¬1) .
{يستبشرون بنعمة من الله وفضل} يسرون بما أنعم الله عليهم، وبما تفضل عليهم من زيادة الكرامة، {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين(171)} بل يوفر عليهم.
{الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح} الجرح، {للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم(172)}.
{الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا} اطمئنانية (¬2) وإيقانا، {وقالوا: حسبنا الله} كافينا الله، أي: الذي يكفينا الله، يقال: حسبه الشيء إذا كفاه، وهو بمعنى: المحسب. {ونعم الوكيل(173)} نعم الموكول إليه هو.
{
¬__________
(¬1) - ... يشير إلى قوله تعالى: {وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}. غافر: 45-46.
(¬2) - ... في الأصل: «اطمانيه»، وهو خطأ.
Page 194