227

Tafsir Majmac Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

(1) - وإنما كان ذلك في نعم وبئس لأنهما لا يعملان في اسم علم إنما يعملان في اسم منكور دال على جنس أو اسم فيه ألف ولام يدل على جنس وإنما كانت كذلك لأن نعم مستوفية لجميع المدح وبئس مستوفية لجميع الذم فإذا قلت نعم الرجل زيد فقد قلت استحق زيد المدح الذي يكون في سائر جنسه وكذا إذا قلت بئس الرجل زيد دللت على أنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه فلم يجز إذ كان يستوفي مدح الأجناس أن يعمل من غير لفظ جنس فإذا كان معها اسم جنس بغير ألف ولام فهو نصب أبدا وإذا كانت فيه ألف ولام فهو رفع أبدا نحو نعم الرجل زيد ونعم الرجل زيد ونعم رجلا زيد وإنما نصبت رجلا للتمييز وفي نعم اسم مضمر على شريطة التفسير ولذلك كانت ما في نعم بغير صلة لأن الصلة توضح وتخصص والقصد في نعم أن يليها اسم منكور أو اسم جنس فقوله «بئسما اشتروا به أنفسهم» تقديره بئس شيئا اشتروا به أنفسهم قال أبو علي قوله ولذلك كانت ما في نعم بغير صلة يدل على أن ما إذا كانت موصولة لم يجز عنده أن تكون فاعلة نعم وبئس وذلك عندنا لا يمتنع وجهة جوازه أن ما اسم مبهم يقع على الكثرة ولا يخصص واحدا بعينه كما أن أسماء الأجناس تكون للكثرة وذلك في نحو قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فالقصد به هنا الكثرة وإن كان في اللفظ مفردا بدلالة قوله ويقولون هؤلاء وتكون معرفة ونكرة كما أن أسماء الأجناس تكون معرفة ونكرة وقد أجاز أبو العباس المبرد في الذي أن تلي نعم وبئس إذا كان عاما غير مخصوص كما في قوله والذي جاء بالصدق وإذا جاز في الذي كان في ما أجوز فقوله «بئسما اشتروا به أنفسهم» يجوز عندي أن تكون ما موصولة وموضعها رفع بكونها فاعلة لبئس ويجوز أن تكون منكورة فتكون اشتروا صفة غير صلة ويدل على صحة ما رأيته قول الشاعر:

وكيف أرهب أمرا أو أراع له # وقد زكات إلى بشر بن مروان

فنعم مزكا من ضاقت مذاهبه # ونعم من هو في سر وإعلان

ألا ترى أنه جعل مزكا فاعل نعم لما كان مضافا إلى من وهي تكون عامة غير معينة وأما قوله «أن يكفروا بما أنزل الله» فموضعه رفع وهو المخصوص بالذم فإن شئت رفعته على أنه مبتدأ مؤخر وإن شئت على أنه خبر مبتدإ محذوف أي هذا الشيء المذموم كفرهم بما أنزل الله وقوله «بغيا» نصب بأنه مفعول له كقول حاتم :

وأغفر عوراء الكريم ادخاره # وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

Page 313