198

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Genres

{ يا أيها الذين آمنوا } بالايمان العام والبيعة العامة النبوية او بالايمان الخاص والبيعة الخاصة الولوية وقبول الدعوة الباطنة { اصبروا } الصبر حبس النفس ومنعها عن مقتضاها، ولما كانت مقتضيات النفس بحسب قواها الداخلة ووارداتها الخارجة مختلفة صار اقسام الصبر مختلفة بحسب المتعلق وقد جعل الصبر فى الاخبار ثلاثة اقسام: احدها الصبر عن المعاصى وهو حبس النفس عن مقتضى قواها الشهوية والغضبية والشيطانية من غير اذن واباحة من الله، وثانيها الصبر على الطاعات وهو حبس النفس عن الخروج عن مقام التسليم والانقياد فان النفس بقوتها الشيطانية تقتضى الاستبداد والانانية، وثالثها الصبر على المصائب وهو حبس النفس عن الجزع حين ورود الامر الغير الملائم عليها لانها تقتضى الجزع والاضطراب والالتجاء الى غيرها والتماس الدفع منه عند ورود المنافى عليها اذا لم تتمكن من دفعه او من الانتقام له اذا كان مما ينتقم له ولما كانت الآيات ذوات وجوه بحسب اللفظ وبحسب المعنى وكانت الائمة (ع) يفسرون الآيات بالوجوه المناسبة لمقامات الكلام بحسب احوال الاشخاص فسروا الآية بوجوه مختلفة كما سنشير اليها { وصابروا } من المصابرة بمعنى حمل كل واحد كلا على الصبر على المصائب او على الطاعات او عن المعاصى او بمعنى المغالبة فى الصبر اى صابروا عدوكم فى الغزاء فانكم اولى بالصبر والثبات فى الجهاد منهم حيث ترجون من الله ما لا يرجون، او صابروهم على التقية، او على الفتنة، وقد اشير الى كل فى الخبر كما فسر اصبروا فى الخبر بالصبر على الفرائض والصبر على المصائب، وعلى الدين، وعن المعاصى، بحسب اختلاف احوال السائلين والمخاطبين وكثرة وجوه القرآن وجواز ارادة كل منها بحسب اقتضاء المقام كما اشرنا اليه { ورابطوا } المرابطة فى الظاهر ملازمة ثغر العدو او ان يربط كل من الفريقين خيولهم فى ثغره او المراد بها الاتصال بالامام بالبيعة الخاصة الولوية، او بالتبعية والانقياد فى الاحكام، او الاتصال بملكوت الامام، او المراد انتظار الصلاة بعد الصلاة كما اشير الى كل فى الاخبار، وقد فسرت المرابطة فى اخبار كثيرة بالمرابطة على الامام مع اختلاف يسير فى اللفظ، وقد استشهد الصوفية بامثال هذه الآية على ما قالوه ان السالك ينبغى ان يجاهد فى الرياضات والذكر والفكر المأخوذة من صاحب الاجازة فى الشريعة او الطريقة بحيث يصفو مرآة قلبه من غبار الكثرات ويتجلى فيها صورة شيخه ولا يغيب عنه ويسمون هذا الاتصال والتجلى بالمرابطة والحضور والفكر كما يسمون ذلك المتجلى بالسكينة ويقولون: ان السالك ما لم يتصل بملكوت شيخه كان سالكا الى الطريق لا الى الله، فاذا اتصل بملكوت شيخه وصل الى الطريق وصار سالكا الى الله على الطريق، وقبل هذا الاتصال يكون العبادة منه كلفة وعناء وكرها وبعد الوصول تصير لذة وراحة وطوعا؛ وقول المولوى قدس سره:

جهد كن تا نورتو رخشان شود

تا سلوك و خدمتت آسان شود

اشارة الى هذا الظهور والتجلى، وبهذا الاتصال تصدق المعية مع الصادقين التى امر الله بها فى قوله تعالى:

وكونوا مع الصادقين

[التوبة:119] وهذا الظاهر هو الوسيلة التى امر الله بابتغائها بقوله:

وابتغوا إليه الوسيلة

[المائدة:35] وبهذا يتبدل الارض غير الارض

وأشرقت الأرض بنور ربها

[الزمر:69]،

Unknown page