217

Tafsir Al-Uthaymeen: Ya-Sin

تفسير العثيمين: يس

Publisher

دار الثريا للنشر

Genres

وهذا هو التوحيد، فالتوحيد مبني على نفي وإثبات؛ لأن النفي المجرد تعطيل محض وعدم، والإثبات المجرد لا يمنع المشاركة، فلا يتم التوحيد إلا بنفي وإثبات، ولهذا لو قلت: (لا قائم في البيت) فهذا نفي مجرد معناه العدم، وإذا قلت: (زيد قائم في البيت) فهذا إثبات مجرد لا يمنع المشاركة، أي: قد يكون رجل آخر في البيت قائم، فإذا قلت: (لا قائم في البيت إلا زيد) فحينئذ تحقق الانفراد وتحقق التوحيد، وصار لا يوجد قائم في هذا البيت إلا زيد، إذًا التوحيد لابد فيه من هذين الأمرين: النفي، والإثبات، ولكن بماذا يبدأ؟ يبدأ أولًا بالنفي ليرد الإثبات على مكان خال من الشوائب، خالص صالح لاستقرار الإثبات فيه، ولهذا يبدأ بالنفي ثم بالإثبات وهذا في القرآن كثير، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ (^١) فتبرأ أولًا من كل معبود، ثم أثبت العبادة لله وحده الذي فطره. ٤ - من فوائد الآية الكريمة: أن طاعة الشيطان في معصية الله -ولا تكون طاعة الشيطان إلا في معصية الله- نوع من العبادة لقوله: ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ لأن الطاعة فيها نوع من التذلل، والعبادة هي التذلل، فمن أطاع الشيطان في معصية الله فقد عبده. ٥ - ومن فوائدها: أن العبادة لا تختص بالركوع والسجود والذبح والنذر وما أشبه ذلك، بل هي عامة شاملة لكل طاعة يكون فيها كمال التذلل.

(^١) سورة الزخرف، الآيتان: ٢٦، ٢٧.

1 / 218