99

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

والله أعلم هل عذابه في الدُّنْيا بواسِطة المَلَك، أو أن سُلَيْمانَ ﵇ أُذِنَ له بتَعذيبهم في النار. إِذن فالذي يَزِيغ من الجِنَّ عن أَمْر الله بطاعته سُلَيْمانَ ﵇ هذا يُعذَّب بالنار، إمَّا في الدُّنْيا وإمَّا في الآخِرة، ولكن إذا قُلْنا: إنه في الدُّنيا، فإنه لا يَتَعيَّن أن يَكون الأمر كما قال المُفَسَّر ﵀: إنه مَلَك يَضرِبه بسَوْط منها حتى يُحرِقَه. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: أنَّ طاعة الجِنِّ لسُلَيْمانَ ﵇ بأَمْر الله الكَوْنيَّ فهل هذه تُعتَبَر لهم عِبادة لله ﷿؟ فالجوابُ: بلى؛ ولهذا قُلْنا: فيه احتِمالُ إِذْنٍ شَرْعيٍّ، ويُؤَيِّده قوله تعالى: ﴿عَنْ أَمْرِنَا﴾، وهذا أَرجَحُ، لكنه لا يَمنَع الأوَّل. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَدخُل الجِنُّ الجَنَّة؟ وماذا يَستَفيدون منها؟ فالجوابُ: أن الله تعالى يَقول في آخِر سورة الرحمنِ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ٤٦ - ٤٧]؛ فالخِطاب في ﴿رَبِّكُمَا﴾ يَعود للجِنِّ والإِنْس، فإذا كان الجِنُّ لا يَستَفيد من هاتين الجَنَتَّيْنِ فما فائِدة خِطابهم في قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾؟ ! ثُمَّ إنه قال في نَفْس الآيات: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن: ٥٦]؛ وهذا أيضًا يَدُلُّ على أنهم يَدْخُلون الجَنَّة، وهذا هو الصحيح الذي عليه جُمهورُ العُلَماء ﵀، أمَّا دُخول الكافِر منهم النارَ فإنه بالاتِّفاق؛ لأن الله تعالى نَصَّ عليه في القُرآن، وأمَّا دُخول المُؤمِن منهم الجَنَّة فهذا هو الصحيح الذي عليه جُمهورُ أهل العِلْم. وأمَّا قول الله تعالى: ﴿يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ

1 / 105