98

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وَيبولون وَيتَقَيَّئون، كل هذا ثبَت في القُرآن وفي السُّنَّة. وقوله ﷾: ﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ﴾: ﴿مِنَ﴾ بمَعنَى: الذي، ﴿يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ فهي اسْمٌ مَوْصولٌ، وما مَحلُّها من الإعراب؟ الجوابُ: يُحتَمَل أَنْ يَكون مَحَلُّها الرفعَ على أنها مُبتَدَأ مُؤخَّر، وخبَرُه ﴿وَمِنَ الْجِنِّ﴾، ويُحتَمَل أنها في مَحَلِّ نَصْب؛ يَعنِي: وسَخَّرْنا له من الجِنِّ مَن يَعمَل بين يديه، وأيُّهما أَوْلى؟ سبَق وأن ذكَرْنا قاعِدة؛ أنه إذا دار الأَمْر بين التَّقدير وعدَم التَّقدير فعدَمُ التَّقدير أَؤلى؛ لأنه الأَصْل، والأَصْل أن الكلام لم يُحذَفْ منه شيءٌ، وعلى هذا فنَقول: ﴿وَمِنَ الْجِنِّ﴾ جارٌّ ومجَرور خَبَرٌ مُقدَّم، و﴿مَنْ يَعْمَلُ﴾ مُبتَدَأ مُؤخَّر. وقوله تعالى: ﴿بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ يَعنِي: يَدَيْ سُلَيْمانَ ﵇، يَعنِي: أمامَه، لكن ﴿بِإِذْنِ﴾ [بِأَمْرِ] ﴿رَبِّهِ﴾، والإِذْنُ هنا كَوْنيٌّ، يَعنِي: أنَّ الله تعالى سخَّر الجِنَّ ليَعمَلوا بين يدَيْ سُلَيْمانَ عَلَيْةِ السَّلَامُ بإِذْنه، بأَمْره الكونيِّ، قد يُقال: إنه إِذْنٌ شَرْعيٌّ؛ بدليل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾. وقول المُفَسِّر ﵀: ﴿وَمَنْ يَزِغْ﴾ [يَعْدِلُ] وقِيل: يَمِلْ، أي: يَميل، وهذا أَقرَبُ، ومنه: زاغَتِ الشمسُ، أي: مالَت عن وسَطِ السَّماء، قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ﴾ يَعنِي: مَن يَمِلْ ﴿عَنْ أَمْرِنَا﴾ [لَهُ بِطَاعَتِهِ لَهُ] أَيْ: للجِنَّ [بِطَاعَتِهِ] أي: بطاعة سُلَيْمانَ ﵇ ﴿نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ النار في الآخِرة، ﴿نُذِقْهُ﴾ ما الذي جَزَمها؟ ﴿مِنْ﴾؛ لأنها جوابُ الشَّرْط، وفِعْل الشَّرْط ﴿يَزِغْ﴾. وقوله تعالى: ﴿نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ أي: نُعذِّبه بالنار حتى يَذوق عَذابها، وهل هذه نارُ الدُّنيا أو الآخِرة؟ قال المُفَسِّر ﵀: [فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَضْرِبَهُ مَلَكٌ بِسَوْطٍ مِنْهَا ضرْبَةً تُحْرِقُهُ].

1 / 104