107

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ويُعرَض عَنه، وقد يُقال: إنَّ الكافِر إذا جاءَك مُقبِلًا فأَقْبِلْ عليه، فإنَّ هذا مِن باب التَّألِيف على الإسلام، وأمَّا إذا أَعْرَضَ فأَعْرِضْ. قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾: ﴿وَلَا تَمْشِ﴾ هذا مجَزُوم بحَذفِ الياء ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أي: على الأرض ﴿مَرَحًا﴾ قَال المُفَسِّر ﵀: [أي: خُيَلَاءَ]، فالمَرَح بمَعنَى: البَطَرِ والأَشَرِ والخُيلَاءِ مِن ذلك، فلا تَكون مُتبَخْتِرًا في مِشْيَتِك مُتَعَالِيًا في نفسِك، ولكنِ امْشِ مِشْيَةَ المتذَلِّل الجاضِعِ للَّه ﷿، غَيْرُ المُتَعَلِّي على عِبَادِ اللَّه تعالى. وقولُه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ ذَكَرَ هنا: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾، فالأوَّل: في مُعَامَلَة النَّاس ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾، والثاني: في هَيْئَتِه بِنَفْسِهِ ألَّا يَمْشِيَ في الأرْضِ مَرَحًا، وإنَّمَا يَمشِي كما يَمشِي عِبَادُ الرحْمَن: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: ٦٣]. قال ﵀: [﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ مُتبَخْترٍ في مَشْيِه ﴿فَخُورٍ﴾ عَلَى النَّاسِ]. قوله تعالى: ﴿مُخْتَالٍ﴾ أي: فَاعِل لِلخُيَلَاء، و﴿فَخُورٍ﴾ أي: مُفْتَخِرٍ بِنَفْسِه، والفرْقُ بينهما أنَّ الاخْتِيَالَ يَكونُ بالنَّفْس، والفَخْر يَكون بالقَوْل، فهذا الرَّجُلُ عِندَه خُيَلَاءُ في نفسِه، واخْتِيالٌ على عِبَادِ اللَّه ﷾، وعنده فَخْرٌ بلسَانِه يَفْخَرُ بنفسِه، ويَقول: أنا فُلَانُ بنُ فُلَان، ويَمْتَدِحُ نفسَه، ولكن هذا ما لم يَكُنْ في الحَرْب، فإن كَان في الحَرْب فلا بأسَ أن يَفْخَرَ الإنْسَان، كما قال النبيُّ ﵊: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ" (^١)

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره في الحرب، رقم (٢٨٦٤)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، رقم (١٧٧٦)، من حديث البراء ﵁.

1 / 111