الآية (١٨)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: ١٨].
* * *
قوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ﴾ هذه مَعطُوفة على قولِه تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾، فهو إِذَنْ مِن وصايا لُقمانَ ﵇ لابنِه، قال المُفَسِّر ﵀: [﴿وَلَا تُصَعِّرْ﴾ وفي قِرَاءة: (وَلَا تُصَاعِرْ) ﴿خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ لَا تُمِل وَجْهَك عنهم تَكَبُّرًا] التَّصْعِيرُ هُو الإمَالَة، ومِنه: الصَّعَرُ فِي الوَجْه، وهو المَيَال بحيث تَكُون العُنُق مُلْتَوِية، تمَيلُ إمَّا يَمِينًا وإمَّا شِمَالًا.
وقوله تعالى: ﴿خَدَّكَ﴾ أي: وجهَك، فهو مِن إطْلاقِ البَعْضِ وإرادَةِ الكُلِّ، وقول المُفَسِّر ﵀: [تَكَبُّرًا] نَعَم؛ هذا مَحَطُّ النهي، أن يَفعَلَ ذلك على سَبِيلِ التَكَبُّر، أمَّا لو فعَلَه على سبيل الإِعْراض عَمَّا لا يَجوز النظَر إليه، كمَا لو قابَلَتْه امرأة فَصَدَّ وأَعْرَض فإنَّه لا يَدخُل في الآية، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ وأمَّا إذا صَعَّرْت وجْهِي أو خَدِّي لأَجْل ألَّا أَرَى أيَّ شيءٍ مُحرَم فإنَّه لا يَدخُل في هذه الآيةِ.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ أي: عنْهُم فتُمِله تَكَبُّرًا. وقوله تعالى: ﴿لِلنَّاسِ﴾ عامٌّ، يَشْمَل المُؤْمِن والكَافِر، ولكن الكَافِرَ لا يُعامَل كما يُعامَل المُؤمِن في مِثْل هذه الأُمُورِ، وقد يُقالُ: إنَّ شَرْعَنا وَرَدَ بخِلافِه، وأنَّ الكافِر يُصَعَّرُ له الخَدُّ