268

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-ʿAnkabūt

تفسير العثيمين: العنكبوت

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

جميعًا، وإن كان بعضُ الناسِ يُعْطِيهِ اللَّه القوةَّ فيعَمْلُ بهما سواء.
قوله: ﴿إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (إذًا) هذه منَوَّنَة، ويُسَمِّي علماءُ النحو هذا التنوين -كما تقدم- تَنْوينَ العِوَضِ، وهو عِوَضٌ عن جملَةٍ، والتقدير: إذ لو كُنتَ تَتْلُو من قبلِهِ من كتابٍ أو تَخَطُّه بيَمِينِكَ لارتابَ المبطلونَ، وعلى هذا فـ (اللام) في قولِه: ﴿لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ واقعة في جوابِ (لو) المحْذُوفَةِ في الجملَةِ المعَوَّضِ عنْها بالتَّنْوينِ.
وقوله: ﴿لَارْتَابَ﴾ أي: شَكَّ، إلا أنَّ أهلَ العِلمِ يقولون: إن الرَّيبَ والشَكَّ بينهما فرْقٌ، فالرَّيْبُ شكٌّ بقَلَقٍ، ولا شَكَّ تَرَدُّدٌ بدونِ قَلَقٍ، يعني: لو كنت على هذه الحال لارتابَ المبْطِلُونَ.
وقوله: ﴿لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ لم يقل: لارتابَ الناس؛ لأنه لو فُرِضَ أن النبيَّ ﷺ يتلو كتابَ اللَّه من قَبْلِ ذلكَ ويخُطُّه بيَمِينِهِ، وأتى بهذا القرآن مع وجودِ الآياتِ الدَّالَّةِ على صِدْقِهِ لا يحصُل ارْتيابٌ، لكن المبْطِلَ قد يحتَجُّ بالشبْهَة ويَراها بَيِّنَةً.
وقوله: ﴿لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (ال) في قولِهِ: ﴿الْمُبْطِلُونَ﴾ اسم موصول صلتُهُ (مبطلون)، قال ابن مالك ﵀ (^١):
وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ (ال) ... وَكَوْنُهَا بِمُعَرَبِ الأَفْعَالِ قَلْ
وقوله: ﴿الْمُبْطِلُونَ﴾ أي: المائلِونَ إلى الباطِلِ أو الدَّاخِلُونَ فيه؛ لأن زيادَةَ الهَمْزَةِ قد تُفيدُ الدُّخولَ في الشيءِ، يقالُ: أحْصَدَ الزرعُ، أي: دَخَلَ وقتُ الحصادِ، ويُقالُ: أنْجَدَ الرَّجلُ أي: دخل في نَجْدٍ، وأبْطَلَ أي: دخل في الباطِلِ وأخَذَ به،

(^١) البيت رقم (٩٨) من ألفيته.

1 / 272