218
قوله : { إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله } أي يطمعون في رحمة الله ، يعني الجنة { والله غفور رحيم } قال الحسن : هو على الإيجاب ، يقول : يفعل ذلك بهم .
[ قال بعض المفسرين ] ذكر في الآية الأولى قصة قتل ابن الحضرمي ، وما قال المشركون ، وما أنزل الله في ذلك ، ثم أثنى الله على أصحاب النبي A أحسن الثناء فقال : { إن الذين ءامنوا } . . . إلى آخر الآية .
قوله : { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } . والميسر : القمار كله .
قوله : { فيهما إثم كبير } كانوا إذا شربوا الخمر فسكروا عدا بعضهم على بعض . وكانوا يتقامرون حتى لا يبقى لأحدهم شيء . فكانوا يتوارثون العداوة .
قوله : { ومنافع للناس } : أي ما كانوا ينتفعون به من شربها وبيعها ومن القمار قبل أن يحرمهما الله .
قال بعضهم : بلغنا أن رسول الله لما نزلت هذه الآية قال : إن الله يقرب في تحريم الخمر . ثم أنزل الله بعد ذلك في الخمر آية هي أشد منها : { يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } [ النساء : 43 ] فكانوا يشربونها حتى إذا حضرت الصلاة أمسكوا . وكان السكر عليهم منها حراما ، وأحل لهم ما سوى ذلك .
ثم أنزل الله تحريمها في سورة المائدة : { يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } [ المائدة : 90 ] فجاء تحريمها في هذه الآية ، قليلها وكثيرها ، ما أسكر منها وما لم يسكر .
ذكر بعضهم عن أنس بن مالك أنه سئل عن خليط البسر والتمر ، فقال : أهرقناه مع الخمر حين حرمت .
ذكروا عن رسول الله A أنه قال : « إن الخمر من هاتين الشجرتين العنبة والنخلة » .
ذكروا أن عمر بن الخطاب قال : إن هذه الأنبذة تنبذ من خمسة أشياء : التمر والزبيب والبر والشعير والعسل . فما عتقتم فخمرتم فهو خمر .
والعامة عندنا على أن ما عتق من الأنبذة كلها فازداد جودة في إنائه كلما ترك فيه فلا خير فيه . وكل نبيذ له حد ينتهي إليه ثم يفسد فلا بأس به إذا كان في سقاء .
قوله : { ويسألونك ماذا ينفقون } يعني الصدقة . { قل العفو } ، كان هذا قبل أن تنزل آية الزكاة .
وكان الحسن يقول : { قل العفو } قل : الفضل ، أي ما فضل عن نفقتك ونفقة عيالك . ثم يقول : قال رسول الله A : « خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، ولا يلوم الله على الكفاف » وكذلك ذكروا عن الحسن عن النبي عليه السلام .
Page 101