يقول الصد عن سبيل الله والكفر بالله أشد من القتل في الشهر الحرام . وإخراج أهله ، يعني محمدا A وأصحابه أكبر عند الله .
ثم عير المشركون بأعمالهم ، أعمال السوء ، فقال : { والفتنة أكبر من القتل } .
قال مجاهد : أرسل رسول الله A رجلا في سرية ، فمر بابن الحضرمي وهو يحمل خمرا من الطائف إلى مكة ، فرماه بسهم فقتله . وكان بين نبي الله وبين قريش عهد ، فقتله آخر ليلة من جمادى الثانية وأول ليلة من رجب؛ فقالت قريش : أفي الشهر الحرام ولنا عليكم عهد؟ فأنزل الله : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه } ، يعني النبي وأصحابه ، فهذا كله أكبر من قتل ابن الحضرمي ، والفتنة ، أي : الكفر بالله وعبادة الأوثان ، أكبر من هذا كله .
وقد كان المسلمون أخذوا بعض من كان مع ابن الحضرمي أخذا ، وأفلت أحدهم ، وهو نوفل بن عبد الله ، فسبقهم إلى مكة فأخبرهم بالذي صنع أصحاب محمد ، فأمسوا فنظروا إلى هلال رجب ، فلم يستطيعوا الطلب . ومضى أصحاب رسول الله A حتى قدموا المدينة بأسراهم وبالذي أصابوا . فلما أمسى أصحاب رسول الله من يوم أصابوا ابن الحضرمي نظروا إلى هلال رجب ، فكانوا في شك : في جمادى أصابوه أو في رجب . وأقبل المشركون من أهل مكة على من كان بها من المسلمين يعيرونهم بالذي فعل إخوانهم من قتل ابن الحضرمي ، وأخذهم الأموال والأسارى ، وقالوا : عمدتم إلى شهر يأمن فيه الخائف ، وتربط فيه الخيل ، وتوضع فيه الأسنة ، ويتفرغ فيه الناس إلى معايشهم ، فسفكتم فيه الدماء ، وأخذتم الأسارى ، وذهبتم بالأموال ، وأنتم زعمتم أنكم على دين الله . فكتب المسلمون من أهل مكة إلى عبد الله بن جحش بالذي عيرهم به المشركون ، فكلموا رسول الله A فقالوا : قتلنا ابن الحضرمي ، فلما أمسينا نظرنا إلى هلال رجب ، فلا ندري أفي رجب قتلناه أم في جمادى الأخيرة . وقد عيرنا المشركون بذلك ، أفحلال ما أصبنا أم حرام؟ فنزلت : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } . . . إلى قوله : { والفتنة أكبر من القتل } أي : أكبر عند الله من قتل ابن الحضرمي . وقال : الفتنة الشرك . وكان هذا قبل أن يؤمر بقتالهم عامة .
قال : { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } ولن يستطيعوا . قال : { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت } أي بطلت ، { أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار } أي : أهل النار { هم فيها خالدون } .
ذكروا عن ابن عباس قال : قال رسول الله A : « من بدل دينه فاقتلوه » .
Page 100