" " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ".
قالوا: وما الشرك الأصغر؟.
قال: " الرياء ".
وقال تبارك وتعالى: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو الذي عمله لأجله ".
وبالجملة: يعمل على وجه يسقط الكثرة والاثنينية لا على وجه يؤيدها ويكثرها، بل العامل العارف لا يطلب لعلمه الجزاء أيضا، بل إنما يعلم امتثالا لأمره سبحانه وطلبا لمرضاته، ولا يخطر بباله شيء وساه.
جعلنا الله ممن تحقق بمقام التوحيد، وأمنه عن توهم الرياء والتقليد، وحفظه من كل شيطان مريد.
خاتمسة السورة
عليك أيها الموحد القاصد للتحقق في مقام التمكن من التوحيد. قررك الله في مقعد صدقك ويقينك، وثبتك في مقر تثبيتك وتمكينك. أن تحفظ أعمالك التي جئت بها متفرقا الوصول إلى محل القبول عن مداخل الرياء والسمعة والعجب وأنواع الرعونات؛إذ هي كلها شباك الشيطان وعقاله، يقيد بها خواص عباد الله، ويلهيهم بها عما هم عليه من الرضا والتسليم، ويوقعهم في قتنة عظيمة ومعصية كبيرة مستلزمة للشرك بالله، العياذ به من غوائل الشيطان وتسويلاته ويخلصها لمحض وجهه الكريم.
فعليك أن تلازم العزلة، وتداوم الخلوة حتى لا يلحقكمن الخلطة أمثال هذه الأمراض العضال، وأيضا لك أن تجلي خاطرك وتصفي ضميرك عن هواجسك المتعلقة بأمور معاشك بين بني نوعك، فإن أكثر عروض هذه الأمراض إما يحصل من الأماني واللذات الوهمية من الجاه والثروة والتفوق على الأقران وغير ذلك.
وإن شئت أن يسهل عليك الأمر فاشغل جوارحك لكسب ضرورات معاشك في بعض الأحيا، واقنع بأقل المعيشة وسد الرمق، واحذر عن فضول العيش، فإن أكثر فحول الرجال قد استرق بفضول الأماني والآمال.
Unknown page