115

Tafsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Investigator

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

نَصَارَى" (١١١-الْبَقَرَةِ) وَقَوْلِهِمْ: "نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ" (١) (١٨-الْمَائِدَةِ) فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ ﷿ وَأَلْزَمَهُمُ الْحُجَّةَ فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي الْجَنَّةَ عِنْدَ اللَّهِ ﴿خَالِصَةً﴾ أَيْ خَاصَّةً ﴿مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ أَيْ فَأَرِيدُوهُ وَاسْأَلُوهُ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ حَنَّ إِلَيْهَا وَلَا سَبِيلَ إِلَى دُخُولِهَا إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَاسْتَعْجَلُوهُ بِالتَّمَنِّي ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ فِي قَوْلِكُمْ، وَقِيلَ: فَتُمَنُّوا الْمَوْتَ أَيِ ادْعُوَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْفِرْقَةِ الْكَاذِبَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "لَوْ تَمَنَّوُا الْمَوْتَ لَغُصَّ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِرِيقِهِ وَمَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يَهُودِيٌّ إِلَّا مَاتَ" (٢) . ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٩٦)﴾ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمْتُ أَيْدِيَهُمْ﴾ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ فِي دَعْوَاهُمْ كَاذِبُونَ وَأَرَادَ ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيَهُمْ﴾ أَيْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَأَضَافَهَا إِلَى الْيَدِ [دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ] (٣) لِأَنَّ أَكْثَرَ جِنَايَاتِ الْإِنْسَانِ تَكُونُ بِالْيَدِ فَأُضِيفَ إِلَى الْيَدِ أَعْمَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَدِ فِيهَا عَمَلٌ ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ﴾ اللَّامُ لَامُ الْقَسَمِ وَالنُّونُ تَأْكِيدٌ لِلْقِسْمِ، تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهِ لَتَجِدَنَّهُمْ يَا مُحَمَّدُ يَعْنِي الْيَهُودَ ﴿أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ قِيلَ: هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْأَوَّلِ، وَأَحْرَصَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، وَقِيلَ: تَمَّ الْكَلَامُ بِقَوْلِهِ ﴿عَلَى حَيَاةٍ﴾ ثُمَّ ابْتَدَأَ ﴿من الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ وَأَرَادَ بِالَّذِينِ أَشْرَكُوا الْمَجُوسَ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ سُمُّوا مُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ. ﴿يَوَدُّ﴾ يُرِيدُ وَيَتَمَنَّى ﴿أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ يَعْنِي تَعْمِيرَ أَلْفِ سَنَةٍ وَهِي تَحِيَّةُ الْمَجُوسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَقُولُونَ عِشْ أَلْفَ سَنَةٍ وَكُلُّ أَلْفٍ نَيْرُوزٌ ومهرجان، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الْيَهُودُ أَحْرَصُ عَلَى الْحَيَاةِ مِنَ الْمَجُوسِ الَّذِي يَقُولُونَ ذَلِكَ ﴿وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ﴾ مُبَاعِدِهِ ﴿مِنَ الْعَذَابِ﴾ النَّارِ ﴿أَنْ يُعَمَّرَ﴾ أَيْ طُولُ عُمُرِهِ لَا يُنْقِذُهُ. [زَحْزَحَهُ وَتَزَحْزَحَ] (٤) مِنَ الْعَذَابِ أَوْ وَزَحْزَحَ: لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ، وَيُقَالُ زَحْزَحْتُهُ فَتَزَحْزَحَ ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾

(١) ساقط من (أ) . (٢) أخرجه الطبري موقوفا على ابن عباس: ٢ / ٣٦٣، وقال الشيخ شاكر: ولكنه مرفوع بالروايات الأخر. وقال ابن حجر في الكافي الشاف ص (٩): "وأخرج البيهقي في الدلائل من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، ﵄، أن النبي ﷺ قال لليهود: إن كنتم صادقين في مقالتكم فقولوا: اللهم أمتنا. فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه ومات مكانه" الفتح السماوي ١ / ١٧٦. (٣) ساقط من ب. (٤) ساقط من ب.

1 / 123