Tafsir
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Investigator
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Publisher
دار طيبة للنشر والتوزيع
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
﴿أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ﴾ وَلِمَ أَصْلُهُ لِمَا فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ فَرْقًا بَيْنَ الْجَرِّ وَالِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِهِمْ فِيمَ وَبِمَ؟ ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بِالتَّوْرَاةِ، وَقَدْ نُهِيتُمْ فِيهَا عَنْ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈.
﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٩٢) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩٣)﴾
﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤)﴾
قَوْلُهُ ﷿ ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَةِ والمعجزات الباهرة ١٥/ب ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا﴾ أَيِ اسْتَجِيبُوا وَأَطِيعُوا سُمِّيَتِ الطَّاعَةُ وَالْإِجَابَةُ سَمْعًا عَلَى الْمُجَاوَرَةِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلطَّاعَةِ وَالْإِجَابَةِ ﴿قَالُوا سَمِعْنَا﴾ ﴿وَعَصَيْنَا﴾ أَمْرَكَ، وَقِيلَ: سَمِعْنَا بِالْأُذُنِ وَعَصَيْنَا بِالْقُلُوبِ، قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا هَذَا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعُوهُ وَتَلَقَّوْهُ بِالْعِصْيَانِ فَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَى الْقَوْلِ اتِّسَاعًا ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ أَيْ حُبَّ الْعِجْلِ، أَيْ مَعْنَاهُ: أُدْخِلَ فِي قُلُوبِهِمْ حُبُّ الْعَجَلِ وَخَالَطَهَا، كَإِشْرَابِ اللَّوْنِ لِشِدَّةِ الْمُلَازَمَةِ يُقَالُ: فُلَانٌ مُشْرَبُ اللَّوْنِ إِذَا اخْتَلَطَ بَيَاضُهُ بِالْحُمْرَةِ، وَفِي الْقِصَصِ: أَنَّ مُوسَى أُمِرَ أَنْ يُبْرَدَ الْعِجْلُ بِالْمِبْرَدِ ثُمَّ يَذُرَّهُ فِي النَّهْرِ وَأَمَرَهُمْ (بِالشُّرْبِ) (١) مِنْهُ فَمَنْ بَقِيَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ ظَهَرَتْ سُحَالَةُ (٢) الذَّهَبِ عَلَى شَارِبِهِ.
قَوْلُهُ ﷿ ﴿قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ﴾ أَنْ تَعْبُدُوا الْعِجْلَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيْ بِئْسَ إِيمَانٌ يَأْمُرُكُمْ بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بِزَعْمِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ ﷿.
[قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ ادَّعَوْا دَعَاوَى بَاطِلَةً مِثْلَ قَوْلِهِمْ "لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً" (٨٠-الْبَقَرَةِ) "وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ
(١) في (ب) بالشرب. (٢) السحالة: بالضم: ما سقط من الذهب والفضة إذا برد.
1 / 122