Tafsir
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
[55]
قوله عز وجل : { وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } ؛ وذلك أن الله عز وجل أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل ؛ فاختار موسى من قومه سبعين رجلا من خيارهم ؛ وقال لهم : صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. ففعلوا ذلك ، فخرج بهم موسى إلى طور سيناء لميقات ربه ؛ فلما بلغوا هنالك أمرهم موسى بالمكث في أسفل الجبل وصعد هو ؛ فقالوا لموسى : أطلب لنا نسمع كلام الله ؛ فوقع على الجبل غمام أبيض ؛ فغشاه كله.
وكان موسى عليه السلام إذا ناجى ربه وقع على وجهه نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه ؛ فضرب دونه الحجاب ؛ ودنا القوم حتى دخلوا في الغمام ؛ وخروا سجدا ؛ فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه ، فأسمعهم الله تعالى : { إنني أنا الله لا إله إلا أنا }[طه : 14] أخرجتكم من مصر فاعبدوني ولا تعبدوا غيري ؛ فلما فرغ موسى وانكشف الغمام ؛ وأقبل إليهم ، قالوا : (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) أي لا نصدق حتى نرى الله عيانا وعلانية ، { فأخذتكم الصاعقة } ؛ أي فأخذتهم الصاعقة ؛ أي نزلت نار من السماء فأحرقتهم جميعا. ويقال : سمعوا صوتا فماتوا. يقال : صعق فلان ؛ أي هلك ، { وأنتم تنظرون }.
قرأ عمر وعثمان وعلي بغير ألف (الصعقة). وقرأ ابن عباس : (جهرة) بفتح الهاء وهما لغتان. فلبثوا موتى يوما وليلة.
Page 59