Tafsīr al-Qurʾān al-ʿAẓīm al-mansūb liʾl-Imām al-Ṭabarānī
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
Genres
قوله عز وجل : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } ، قال ابن عباس : (معناه : هو الذي أنزل عليك القرآن منه آيات واضحات مبينات للحلال والحرام هن أصل الكتاب الذي أنزل عليك يعمل عليه في الأحكام ، وهن أم في التوراة والإنجيل والزبور وكل كتاب) نحو قوله تعالى : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم }[الأنعام : 151].
وقوله تعالى : { وأخر متشابهات } أي ومنه آيات أخر اشتبهت على اليهود مثل { الم } و{ المص }. وقيل : يشبه بعضها بعضا.
واختلفوا في المحكم والمتشابه ، فقال قتادة والربيع والضحاك والسدي : (المحكم هو الناسخ الذي يعمل به ، والمتشابه هو المنسوخ الذي يؤمن به ولا يعمل به). وعن ابن عباس قال : (محكمات القرآن : ناسخه ، وحلاله ؛ وحرامه ، وحدوده ؛ وفرائضه ؛ وأوامره ، والمتشابهات : منسوخه ، ومقدمه ومؤخره ، وأمثاله وأقسامه). وقال مجاهد وعكرمة : (المحكم : ما فيه الحلال والحرام ، وما سوى ذلك متشابه) ، وقال بعضهم : المحكم هو الذي لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا ، والمتشابه ما احتمل وجوها.
وقال ابن زيد : (المحكم ما ذكره الله من قصص الأنبياء مثل نوح)
وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام ، والمتشابه هو ما اختلف فيه الألفاظ من قصصهم عند التكرار كما في موضع من قصة نوح{ قلنا احمل }[هود : 40] وفي موضع آخر{ فاسلك }[المؤمنون : 27] ، وقال : تعالى في العصا : { فإذا هي حية تسعى }[طه : 20] ، وفي موضع آخر{ فإذا هي ثعبان مبين }[الأعراف : 107] ، وقوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان }[الرحمن : 13] ونحو{ ويل يومئذ للمكذبين }[المرسلات : 15] ونحو ذلك).
وقال بعضهم : المحكم ما عرف العلماء تأويله وفهموا معانيه ، والمتشابه ما ليس لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه ، نحو : خروج الدجال ؛ ونزول عيسى ؛ وطلوع الشمس من مغربها ؛ وقيام الساعة ؛ وفناء الدنيا ونحوها.
وقال ابن كيسان : (المحكمات حججها واضحة ؛ ودلائلها واضحة ؛ لا حاجة لمن سمعها إلى طلب معناها ، والمتشابه هو الذي يدرك علمه بالنظر ، ولا تعرف العوام تفصيل الحق فيه من الباطل).
وقال بعضهم : المحكم ما اجتمع على تأويله ، والمتشابه ما ليس فيه بيان قاطع.
وقال محمد بن الفضل : (هو سورة الإخلاص لأنه ليس فيها إلا التوحيد فقط ، والمتشابه نحو قوله{ الرحمان على العرش استوى }[طه : 5] ونحو قوله{ خلقت بيدي }[ص : 75] ، ونحو ذلك مما يحتاج إلى تأويلها في الإبانة عنها).
ويقال : المحكم : نحو قوله تعالى : { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام }[ق : 38] والمتشابه : نحو قوله : { خلق الأرض في يومين }[فصلت : 9] ثم قال{ وقدر فيهآ أقواتها في أربعة أيام }[فصلت : 10] ثم قال : { فقضاهن سبع سماوات في يومين }[فصلت : 12] فظن من لا معرفة له أن العدد ثمانية أيام ولم يعلم أن اليومين الأولين داخلان في الأربعة التي ذكرها الله من بعد.
Page 267