265

Tafsīr al-Qurʾān al-ʿAẓīm al-mansūb liʾl-Imām al-Ṭabarānī

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Genres

Tafsīr

[3]

قوله عز وجل : { نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه } ، قرأ ابراهيم بن أبي عبلة : (نزل عليك الكتاب) بتخفيف الزاي ، وقرأ الباقون بالتشديد ، ونصب الياء لأن القرآن كان ينزل منجما شيئا بعد شيء ، والتنزيل مرة بعد مرة. قال الله تعالى : { وأنزل التوراة والإنجيل } ؛ لأنهما نزلتا دفعة واحدة. ومعنى الآية : نزل عليك يا محمد القرآن بالصدق لإقامة أمر الحق.

قوله تعالى : { مصدقا لما بين يديه } ؛ أي موافقا لما تقدمه من التوراة والانجيل وسائر كتب الله تعالى في الدعاء إلى توحيد الله ، وبيان أقاصيص الأنبياء والأمر بالعدل والإحسان وسائر ما لا يجري فيه النسخ وبعض الشرائع. وانتصب { مصدقا } على الحال من الكتاب.

قوله تعالى : { وأنزل التوراة والإنجيل } أي أنزل التوراة جملة على موسى ، والإنجيل جملة على عيسى { من قبل } القرآن ، { هدى للناس } ؛ أي بيانا ونورا وضياء لمن تبعه. وموضع { هدى } نصب على الحال.

قوله تعالى : { وأنزل الفرقان } ؛ يعني القرآن ، وأما ذكره لبيان أنه يفرق بين الحق والباطل ، ومتى اختلف فوائد الصفات على موصوف واحد لم يكن ذكر الصفة الثانية تكرارا ، بل تكون الثانية في حكم المبتدلات لكل صفة فائدة ليست للأخرى ، والصفة الأولى تفيد أن من شأنه أن يكتب ، والصفة الثانية تفيد أن من شأنه أن يفرق بين الحق والباطل. وقيل : إن كل كتاب لله فهو فرقان.

قوله عز وجل : { إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام } ، معناه : إن في كتب الله ما يدل على صدق قولك ؛ فمن جحد بآيات الله وهي العلامات الهادية إليه الدالة على توحيده فأولئك لهم عذاب شديد ، { والله عزيز ذو انتقام } أي ذو نقمة ينتقم ممن عصاه.

ثم حذرهم عن التلبس والاستتار عن المعصية ، فقال : { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السمآء } ، أي لا يخفى عليه قول الكفار وعملهم ، يحصي كل ما يعملونه فيجازيهم عليه في الآخرة.

وفائدة تخصيص الأرض والسماء وإن كان الله لا يخفى عليه شيء بوجه من الوجوه : أن ذكر الأرض والسماء أكبر في النفس وأهول في الصدر ، فذكره على وجه الأهوال ، إذ كان الغرض به التحذير.

Page 265