263

Tafsīr al-Qurʾān al-ʿAẓīm al-mansūb liʾl-Imām al-Ṭabarānī

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Genres

Tafsīr

[285]

قوله عز وجل : { ءامن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله } ؛ الآية ، لما سبق في السورة ذكر أحكام كثيرة أثنى الله على من آمن بها وقبلها ، وقال عز من قائل : { ءامن الرسول } بجميع الأحكام التي أنزلها الله تعالى ، وكذلك المؤمنون كلهم آمنوا بالله ، وقوله تعالى : { وملائكته } ؛ إنما أتى بالملائكة لأن حيا من خزاعة كانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " والمؤمنون يقولون : إن الملائكة عباد الله ".

قوله : { وكتبه } ؛ قرأ ابن عباس وعكرمة والأعمش وحمزة والكسائي وخلف : (وكتابه) بالألف. وقرأ الباقون (وكتبه) بالجمع ، وهو ظاهر كقوله { وملائكته ورسله }. وللتوحيد وجهان ؛ أحدهما : أنهم أرادوا القرآن خاصة ، والثاني : أنهم أرادوا جميع الكتب ؛ كقول العرب : كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس ، يريدون الدراهم والدنانير. يدل عليه قوله تعالى : { فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب }[البقرة : 213].

وقوله تعالى : { ورسله } ؛ قرأ الحسن : (ورسله) بسكون السين لكثرة الحركات ؛ { لا نفرق بين أحد من رسله } ؛ أي لا نفعل كما فعل أهل الكتاب آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض. وفي مصحف عبدالله : (لا يفرقون بين أحد من رسله). وقرأ جرير بن عبدالله وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر ويعقوب : (لا يفرق) بالياء ، بمعنى لا يفرق الكل ، ويجوز أن يكون خبرا عن الرسول. وقرأ الباقون بالنون على إضمار القول ؛ تقديره : قالوا لا نفرق ، كقوله تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم }[الرعد : 23-24] ؛ أي يقولون : سلام عليكم.

قوله عز وجل : { وقالوا سمعنا وأطعنا } ؛ أي سمعنا قولك وأطعنا أمرك. وقيل : معنى { وأطعنا } قبلنا ما سمعنا ؛ بخلاف ما قالت اليهود. وقوله تعالى : { غفرانك ربنا وإليك المصير } ؛ أي اغفر غفرانك يا ربنا. وقيل : معناه : نسألك غفرانك. والأول مصدر ، والثاني مفعول. وقوله تعالى : { وإليك المصير } أي نحن مقرون بالبعث. ومعنى قوله : { وإليك } أي إلى جزائك ؛ وهذا كما قال عز وجل حكاية عن إبراهيم عليه السلام : { إني ذاهب إلى ربي سيهدين }[الصافات : 99] أي إلى حيث أمر ربي.

قوله عز وجل : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } ؛ قرأ إبراهيم بن أبي عبلة : (إلا وسعها) بفتح الواو وكسر السين على الفعل ؛ يريد إلا وسعها أمره.

ومعنى الآية : { لا يكلف الله نفسا } فرضا من فروضها من صوم أو صلاة أو صدقة أو غير ذلك من حديث النفس ؛ إلا مقدار طاقتها كما قال صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين : " صل قائما ؛ فإن لم تستطع فقاعدا ؛ فإن لم تستطع فعلى جنبك تومئ إيماء ".

قال قوم : لو كلف الله العباد فوق وسعهم لكان ذلك له ؛ لأن الخلق خلقه والأمر أمره ، ولكنه أخبر أنه لا يفعله.

Page 263