212

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

[231]

قوله عز وجل : { وإذا طلقتم النسآء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا } ؛ نزلت في ثابت بن يسار الأنصاري ؛ طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة ؛ وكادت تبين منه راجعها ، ثم طلقها ففعل بها مثل ذلك ، حتى مضت لها سبعة أشهر مضارا لها بذلك. وكان الرجل إذا أراد ان يضار امرأته طلقها ثم تركها حتى تحيض الثالثة ، ثم راجعها ، ثم طلقها فتطول عليها العدة ، فهذا هو الضرار ؛ فأنزل الله هذه الآية.

ومعنى الآية : { وإذا طلقتم النسآء } تطليقة أو تطليقتين { فبلغن أجلهن } أي قاربن وقت انقضاء العدة { فأمسكوهن بمعروف } أي احبسوهن بالرجعة على أحسن الصحبة ، لا على تطويل العدة ، { أو سرحوهن بمعروف } أي اتركوهن بمعروف حتى ينقضي تمام أجلهن ، { ولا تمسكوهن ضرارا } أي لا تحبسوهن في العدة إضرارا { لتعتدوا } عليهن ؛ أي تظلموهن.

قوله تعالى : { ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه } ؛ أي من يفعل ذلك الاعتداء فقد عرض نفسه لعذاب الله بإتيان ما نهى الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ملعون من ضار مسلما أو ماكره ".

قوله عز وجل : { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } ؛ أي لا تتركوا ما حد الله لكم من أمر الطلاق وغيره فتكونوا مقصرين لاعبين. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كان الرجل يطلق امرأته أو يعتق عبده ثم يقول : إنما كنت لاعبا ، فيرجع في العتق والنكاح ؛ فأنزل الله هذه الآية ، فقال صلى الله عليه وسلم : " من طلق لاعبا أو أعتق لاعبا فقد جاز عليه " أي نفذ عليه.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث جدهن وهزلهن جد : الطلاق ، والعتاق ، والنكاح " وفي بعض الروايات : " الطلاق ، والنكاح ، والرجعة " وروي في الخبر : " خمس جدهن جد وهزلهن جد : الطلاق ، والعتاق ، والرجعة ، والنكاح ، والنذر ".

وعن أبي موسى الأشعري قال : " غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأشعريين ، فأتيته فقلت : يا رسول الله ، غضبت على الأشعريين ؟ قال : [يقول أحدكم لامرأته : قد طلقتك ، ثم يقول : قد راجعتك ، ليس هذا طلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل طهرها] " وقال الكلبي : (معنى { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } أي أمسكوا بمعروف أو سرحوا بإحسان).

قوله عز وجل : { واذكروا نعمت الله عليكم ومآ أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به } ؛ أي احفظوا منة الله عليكم في أمر الدين. وقيل : { واذكروا نعمت الله عليكم } بالإيمان ، { ومآ أنزل عليكم من الكتاب } يعني القرآن ، { والحكمة } يعني مواعظ القرآن والحدود والأحكام. وقيل : الحكمة هي فقه الحلال والحرام. وقوله : { يعظكم به } أي ينهاكم عن الإضرار وسائر المعاصي.

Page 212