236

Al-taʿyīn fī sharḥ al-arbaʿīn

التعيين في شرح الأربعين

Editor

أحمد حَاج محمّد عثمان

Publisher

مؤسسة الريان (بيروت - لبنان)

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

المكتَبة المكيّة (مكّة - المملكة العربية السعودية)

Genres

على نفسي" حقيقته أني منعت نفسي منه، وإنما يمنع الحكيم نفسه مما يقدر على فعله، ولو قال آدمي: إني منعت نفسي من صعود السماء لسخر منه كذلك، ولأن الله ﷿ عامل عباده معاملة المستأجر مع الأجراء (أ) حيث قال لأهل الكتاب: هل ظلمتكم من أجوركم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء. والمستأجر يصح منه ظلم الأجراء، ولأن ترك الظلم مع إمكانه والقدرة عليه، أمدح من تركه مع استحالته والعجز عنه، كما أن ترك الفحل الزنا أمدح له بالعفاف من ترك الخصي والعنين له.
وقوله: "وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" أصله تتظالموا فحذفت إحدى التاءين تخفيفا، أي: حرمته عليكم ومنعتكم منه شرعا.
والظلم لغة وضع الشيء في غير موضعه، وشرعا التصرف في غير ملك، أو في ملك الغير، (فلا تظالموا) أي: فلا يظلم بعضكم بعضًا.
ويحتج بهذا أهل القدر، ووجه الحجة أنَّه نهى عن الظلم، فلو كان خالقًا له لكان ناهيًا عما خلق، وهو باطل.
وجوابه بمنع بطلانه، فإن لله ﷿ في خلقه تصريفين ظاهرًا وباطنا، فبتصريفه للظاهر (ب) ينهى عنه شرعًا، وبتصريفه للباطن (جـ) يقضي به ويخلقه حقيقة، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن.
قوله: "كلكم ضال إلا من هديته" هذا كقوله ﷿ ﴿مَنْ يَهْدِ

(أ) في م الأجير.
(ب) في م الظاهر.
(جـ) في م الباطن.

1 / 185