كتَابُ التعيين في شرح الأربعين
تأليف
العَلَّامَة الفَاضِل نجْم الدِّيِن سُليْمان بن عَبْد القَوي بن عَبْد الكرِيم الطّوفي الحَنَبَليّ المتوفى ٧١٦ هـ
تحقِيق
أحمد حَاج محمّد عثمان
مؤسسة الريان
بيروت
المكتَبة المكيّة
مكّة
المقدمة / 1
﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
حُقوقُ الطَّبْع مَحفوظَة
الطَّبعَة الأولى
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مؤسسة الرَّيان
للطباعَة والنشر والتوزيع
بيروت- لبنان- ص. ب: ٥١٣٦/ ١٤ السّجِل التجاري في بَيرْوت رَقم ٥/ ٧٤٢١
المكتبة المكيّة
حَي الهجْرة - مَكّة المكرّمة - السّعوديّة - هَاتفُ وفَاكس: ٥٣٤٠٨٢٢
المقدمة / 2
مُقَدِّمة
إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفُسنا، ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أما بعد: فإن للكتب حظوظًا كما أن للناس حظوظًا، فبعض الناس لا يعرفه إلا أهل بيته، أو أهل قريته، أو أهل مدينته، وبعض آخر يذيع صِيتُهُ، ويطير اسمه، وينتشر في الخافقين ذكره.
كذلك الكتب فبعضها لا تجاوز بيت مؤلفها، أو قريته، أو مدينته، وتُعَمَّرُ أيامًا أو شهورًا أو سنين معدودة، وبعض أُخَر تُشَرِّق وتُغَرِّب وتُسْهِلُ
المقدمة / 1
وتُنجِدُ، وتُصارع الزمن وتُعَمَّرُ مآت السنين.
وهذه الأربعون حديثًا للإمام الزاهد القدوة النووي من تلك الكتب التي انتشرت في الشرق والغرب، وقطعت مآت السنين، واستنهضت هِمَمَ العلماء فاعتنوا بها واحتفلوا، فكتبوا عليها الشروح المتنوعة في مصادرها ومواردها لتنوع مشارب مؤلفيها ومشارعهم.
ولعله لا يخلو قرن من عناية عالم بها وكتابة شرح عليها.
وهذا الشرح الذي بين أيدينا للعلامة المتفنن نجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي المتوفى سنة ست عشرة وسبعمائة من أوائل شروح الأربعين النووية.
ولقد أجاد المؤلف ﵀ في الكلام على الأحاديث لفظًا ومعنى، واقتنص الفرائد منها، واستنبط الفوائد الأصولية والفروعية، ووظَّف القواعد الأصولية فيها من تخصيص عام، وتعميم خاص، وتقييد مطلق وإطلاق مقيد، وتبيين مجمل، وتوفيق بين ما ظاهره التعارض والتدافع من الكتاب والسنة.
وفي طليعة مميزات هذا الشرح أنه في آخر شرح كل حديث يذكر ما يرجع إليه الحديث من الآيات والأحاديث التي توافقه في المعنى، فيظفر القارئ جملة من الآيات والأحاديث الواردة في معنى واحد.
ويعتني أيضًا ببيان وجه جامعية هذه الأحاديث وتوضيح وجه كلياتها، فإن هذه الأحاديث من جوامع كلمه ﷺ.
وكان المؤلف ﵀ يعتمد على وُكْدِ ذهنه وجُهد نفسه، ويعمل
المقدمة / 2
مواهبه العلمية والعقلية، ويُجَمِّع له جَرَامِيزَهُ، ولا ينقل من الآخرين (١).
وقد كشف في هذا الشرح عن مقدرة في التأليف وسرعة في الإنجاز، ومكانة في العلم، فقد أتمَّ هذا الشرح الذي وصل إلى مآت الصفحات في ستة عشر يومًا، مع ما فيه من مباحث شائكة كبحث المصلحة في شرح حديث "لا ضرر ولا ضرار" الذي كان مثار حدل بعده.
بدأ في ثلاثة عشر ربيع الثاني سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وفرغ منه في ثمانية وعشرين منه.
وهو شرح جيد في مجمله وإن وقع فيه بعض الهنات، لا تنقص من قيمته، ولا تضع من قدره، سيأتي التنبيه على بعضها في مثاني الكتاب.
هذا، وأذكر فيما يأتي ترجمة المؤلف، ونسبته إلى التشيع، والإشارة إلى المصلحة عند الجمهور وعنده، واسم شرحه هذا ونسبته إليه، ووصف النسخ الخطية، وعملي فيه.
_________
(١) وقد نقل من شرحه هذا وأفاد منه العلامة الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي ت ٩٧٣ في "فتح المبين لشرح الأربعين" أحيانًا ينقل اللفظ، وأحيانًا المعنى، ويبهم اسم المؤلف، ويقول: "قال بعضهم، وقول بعضهم، وتكلف بعضهم" ونحو ذلك، ويعترض عليه بعض الاعتراضات.
المقدمة / 3