153

Tacyin

التعيين في شرح الأربعين

Investigator

أحمد حَاج محمّد عثمان

Publisher

مؤسسة الريان (بيروت - لبنان)

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

المكتَبة المكيّة (مكّة - المملكة العربية السعودية)

Genres

ما منعه وهو المحارم.
قوله: "ألا وإن" هو افتتاح كلام يقصد به تنبيه السامعين لفهم الكلام نحو ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ﴾ [هود: ٨]، ﴿أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ﴾ [فصلت: ٥٤] ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [فصلت: ٥٤].
البحث الرابع: قوله: "ألا وإن في الجسد مضغة" إلى آخره معناه أن صلاح الجسد تابع لصلاح القلب، وفساده تابع لفساده، لأن القلب مبدأ الحركات البدنية والإرادات النفسانية، فإن صدرت عنه إرادة صالحة تحرك الجسد حركة صالحة، وإن صدرت عنه إرادة فاسدة تحرك الجسد حركة فاسدة. وبالجملة فالقلب كالملك، والجسد وأعضاؤه كالرعية، ولا شك أن الرعية تصلح بصلاح الملك، وتفسد بفساده، وأيضًا القلب كالعين والجسد كالمزرعة إن عَذُبَ ماءُ العين عذب الزرعُ، أو مَلُحَ مَلُحَ، وأيضًا القلب كالأرض وحركات الجسد كالنبات ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إلا نَكِدًا﴾ [الأعراف: ٥٨] وشاهد ما ذكرناه من أمر القلب والجسد أن النبي ﷺ شق عن قلبه مرتين (١)، واستخرج منه علقة سوداء، قيل: هذه حظُّ الشيطان منك، ثم غسل بالماء المبارك الطهور، فلما طاب قلبه طاب جسده، ثم صار إماما للمتقين، ورحمة للعالمين،

(١) روى أحمد قصة شق قلبه المرة الأولى ٥/ ١٣٩ من حديث ابن عباس، وكان للنبي ﷺ عشر سنين وأشهر.
وروى البخاري ١/ ١٣٥ ومسلم ١/ ١٤٨ من حديث أنس قصة شق قلبه المرة الثانية في ليلة الإسراء والمعراج.

1 / 102