220

Al-Tabsira

التبصرة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلامِ، تَقْدِيرُهُ: لا تُؤَاخِذْنِي بِنِسْيَانِي الَّذِي نَسِيتُ فِي عُمْرِي، فَأَوْهَمَهُ بِنِسْيَانِ هَذَا الأَمْرِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ بِمَعْنَى التَّرْكِ. وَالْمَعْنَى: لا تُؤَاخِذْنِي بِتَرْكِي مَا عَاهَدْتُكَ عَلَيْهِ. وترهقني بِمَعْنَى تُعْجِلُنِي. وَالْمَعْنَى: عَامِلْنِي بِالْيُسْرِ.
فَلَمَّا لَقِيَا الْغُلامَ قَتَلَهُ الْخَضِرُ، وَهَلْ كَانَ بَالِغًا أَمْ لا؟ فِيهِ قَوْلانِ. وَفِي صِفَةِ قَتْلِهِ إِيَّاهُ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ اقْتَلَعَ رَأْسَهُ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَالثَّانِي: كَسَرَ عُنُقَهُ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ بِسِكِّينٍ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً﴾ وقرأ ابن عامر: زكية. قَالَ الْكِسَائِيُّ: فِيهَا وَجْهَانِ كَالْقَاسِيَةِ وَالْقَسِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: الزَّاكِيَةُ الَّتِي لَمْ تُذْنِبْ. وَالزَّكِيَّةُ الَّتِي أَذْنَبَتْ ثُمَّ تَابَتْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الزَّاكِيَةُ فِي الْبَدَنِ وَالزَّكِيَّةُ فِي الدين.
قوله تعالى: ﴿بغير نفس﴾ أي بغير قتل نَفْسٍ، وَالنُّكْرُ: الْمُنْكَرُ.
﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ﴾ إن قيل: لم ذكر لفظة ﴿لك﴾ ها هنا وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الأُولَى؟ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ذَكَرَهَا لِلتَّوْكِيدِ وَتَرَكَهَا لِوُضُوحِ الْمَعْنَى، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ قُلْتُ لَكَ اتَّقِ اللَّهَ. وَقَدْ قُلْتُ لَكَ يَا فُلانُ اتَّقِ اللَّهَ. يَا هَذَا أَطِعْنِي وَانْطَلِقْ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُوَاجَهَةَ بِكَافِ الْخِطَابِ نَوْعٌ حَطَّ مِنْ قَدْرِ التَّعْظِيمِ، فَلَمَّا كَانَتِ الأُولَى مِنْهُ نِسْيَانًا فَخَّمَ خِطَابَهُ بِتَرْكِ كَافِ الْخِطَابِ [وَلَمَّا كَانَتِ الثَّانِيَةُ عَمْدًا جَازَاهُ] بِالْمُوَاجَهَةِ بِكَافِ الْخِطَابِ.

1 / 240