Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition
الأولى
Genres
(ما مَنَعَكَ أَنْ تَكُونَ بِإِزَائِي يَا عَبْدَ اللَّهِ؟!).
فَقُلْتُ: أَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِي وَأَعَزُّ مِنْ أَنْ أُوَازِيَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: (اللَّهُمَّ آتِهِ الحِكْمَةَ)(١).
وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَةَ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَآتَى الغُلَامَ الهَاشِمِيَّ مِنَ الحِكْمَةِ مَا فَاقَ بِهِ أَسَاطِينَ(٢) الحُكَمَاءِ.
وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّكَ تَوَدُّ أَنْ تَقِفَ على صُورَةٍ من صُوَرِ حِكْمَةِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ...
فَإِلَيْكَ(٣) هَذَا المَوْقِفَ، فَفِيهِ بَعْضٌ مِمَّا تُرِيدُ :
* **
لَمَا اعْتَزَلَ(٤) بَعْضُ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَخَذَّلُوهُ فِي نِزَاعِهِ مَعَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
ائْذَنْ لِي، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ آتِيَ الْقَوْمَ وَأُكَلِّمَهُمْ.
فَقَالَ: إِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ مِنْهُمْ.
فَقَالَ: كَلَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَرَ قَوْماً قَطُّ أَشَدَّ اجْتِهَاداً(٥) مِنْهُمْ فِي العِبَادَةِ.
فَقَالُوا: مَرْحَباً بِكَ يَا بْنَ عَبَّاسٍ ... مَا جَاءَ بِكَ؟!.
فَقَالَ: جِئْتُ أُحَدِّثُكُمْ.
(١) ورد أصل هذا الخبر في البخاري، ومسلم، ومسند الإمام أحمد بن حنبل.
(٢) أساطين الحكماء: أكابر الحكماء والمتفردون منهم.
(٣) إليك: خُذّ ..
(٤) اعتزل بعضُ أصحاب عَلِيٍّ: تخلوا عن عَلِيٍّ وتركوه.
(٥) اجتهاداً في العبادة: إكثاراً من العبادة وعكوفاً عَلَيْهَا.
179