173

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition

الأولى

وَلَمَّا وُلِدَتْهُ أُمُّهُ حَمَلَتْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَحَنَّكَهُ(١) بِرِيقِهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ النَّبِيِّ المُبَارَكُ الطَّاهِرُ، وَدَخَلَتْ مَعَهُ التَّقْوَى وَالحِكْمَةُ ... ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾(٢).

* * *

وَمَا إِنْ حُلَّتْ عَنِ الغُلَامِ تَمَائِمُهُ، وَدَخَلَ سِنَّ التَّمْيِيزِ(٣) حَتَّى لَازَمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُلَازَمَةَ العَيْنِ لِأُخْتِهَا ...

فَكَانَ يُعِدُّ لَهُ مَاءَ وُضُوئِهِ إِذَا هَمَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ.

وَيُصَلِّي خَلْفَهُ إِذَا وَقَفَ لِلصَّلَاةِ.

وَيَكُونُ رَدِيفَهُ(٤) إِذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ.

حَتَّى غَدَا لَهُ كَظِلِّهِ يَسِيرُ مَعَهُ أَنَّى سَارَ، وَيَدُورُ فِي فَلَكِهِ كَمَا دَارَ.

وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَحْمِلُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَلْبًا وَاعِيًا، وَذِهْنًا صَافِيًا، وَحَافِظَةً دُونَهَا كُلُّ آلَاتِ التَّسْجِيلِ الَّتِي عَرَفَهَا العَصْرُ الحَدِيثُ.

* * *

حَدَّثَ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ:

هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِالْوُضُوءِ ذَاتَ مَرَّةٍ؛ فَمَا أَشْرَعَ أَنْ أَعْدَدْتُ لَهُ المَاءَ، فَسُرَّ بِمَا صَنَعْتُ ...

وَلَمَّا هَمَّ بِالصَّلَاةِ أَشَارَ إِلَيَّ: أَنْ أَقِفَ بِإِزَائِهِ(٥)، فَوَقَفْتُ خَلْفَهُ.

فَلَمَّا انْتَهَتِ الصَّلَاةُ مَالَ عَلَيَّ وَقَالَ:

(١) حنكه: دلَّك حلقه بريقه قبل أن يرضع.

(٢) سورة البقرة: آية ٢٦٩.

(٣) سن التمييز: هو سن السابعة، وقيل غير ذلك.

(٤) رديف الرجل: من يركب خلفه.

(٥) بإزائه: بجانبه.

178