206

Al-Sulūk li-maʿrifat duwal al-mulūk

السلوك لمعرفة دول الملوك

Editor

محمد عبد القادر عطا

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ - ١٩٩٧م

Publisher Location

لبنان/ بيروت

سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة فِيهَا وصل الشَّيْخ صدر الدّين بن حمويه من بَغْدَاد بِجَوَاب رِسَالَة الْملك الْعَادِل إِلَى الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله. وفيهَا تَتَابَعَت أَمْدَاد الفرنج فِي الْبَحْر من روما وَغَيرهَا إِلَى عكا وَفِيهِمْ عدَّة من مُلُوكهمْ وَقد نقضوا الصُّلْح وعزموا على أَخذ الْقُدس وَسَائِر بِلَاد السَّاحِل وَغَيرهَا فَعظم جمعهم فَخرج الْعَادِل من مصر بعساكره وَسَار إِلَى لد فبرز الفرنج من عكا فِي خلق عَظِيم فَرَحل الْعَادِل على نابلس وَنزل فِي بيسان فَقَالَ لَهُ ابْنه الْمُعظم لما رَحل: إِلَى أَيْن يابه. فَسَبهُ الْعَادِل بالعجمية وَقَالَ: بِمن أقَاتل أقطعت الشَّام مماليك وَتركت من يَنْفَعنِي من أَبنَاء النَّاس الَّذين يرجعُونَ إِلَى الْأُصُول وَذكر كلَاما فِي هَذَا الْمَعْنى. فقصده الفرنج فَلم يطق لقاءهم لقلَّة من مَعَه فَانْدفع من بَين أَيْديهم على عقبَة فيق وَكتب بتحصين دمشق وَنقل الغلات من داريا إِلَى القلعة وإرسال المَاء على أَرَاضِي داريا وَقصر حجاج والشاغور فَفَزعَ النَّاس وابتهلوا إِلَى الله وَكثر ضجيجهم بالجامع فزحف الفرنج على بيسان وَقد اطْمَأَن أَهلهَا بنزول الْعَادِل عَلَيْهِم فانتهبوها وَسَائِر أَعمالهَا وبذلوا فِي أَهلهَا السَّيْف وأسروا وغنموا مَا يجل وَصفه وانبثت سراياهم فِيمَا هُنَالك حَتَّى وصلت إِلَى نوى ونازلوا بانياس ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ عَادوا إِلَى مرج عكا وَقد أنكوا فِي الْمُسلمين أعظم نكاية وامتلأت أَيْديهم بالأسر والسبي والغنائم وأتلفوا بِالْقَتْلِ وَالتَّحْرِيق مَا يتَجَاوَز الْوَصْف. فَلم يمكثوا بالمرج سوى قَلِيل ثمَّ أَغَارُوا ثَانِيًا ونهبوا صيداء والشقيف وَرَجَعُوا وَذَلِكَ كُله من نصف شهر رَمَضَان إِلَى يَوْم عيد الْفطر وَنزل الْعَادِل بمرج الصفر وَرَأى فِي طَرِيقه رجلا يحمل شَيْئا وَهُوَ يمشي تَارَة وَيقْعد أُخْرَى فَقَالَ لَهُ: ياشيخ ﴿لَا تعجل ارْفُقْ بِنَفْسِك. ففال لَهُ: ياسلطان الْمُسلمين﴾ أَنْت لَا تعجل أَو أَنا إِذا رَأَيْنَاك قد سرت من بلادك وَتَرَكتنَا مَعَ الْأَعْدَاء كَيفَ لَا نعجل. وعندما اسْتَقر بمرج الصفر كتب إِلَى مُلُوك الشرق ليقدموا عَلَيْهِ: فَأول من قدم عَلَيْهِ أَسد الدّين شيركوه صَاحب حمص وَهُوَ ابْن نَاصِر

1 / 307