257

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

فأبدأ بِيَحْيَى لكَونه من أَعْيَان النَّاس علما وَعَملا ولتقدم زَمَانه وسلامته من الْبِدْعَة قَالَ ابْن خلكان فِي حَقه هُوَ أَبُو مُحَمَّد يحيى بن أَكْثَم بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْكَاف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَبعدهَا مِيم بن مُحَمَّد بن قطن بن سمْعَان بن مشينج التَّمِيمِي الأسيدي الْمروزِي من ولد أَكْثَم بن صَيْفِي التَّمِيمِي حَكِيم الْعَرَب والأسيدي الْمروزِي بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين الْمُهْملَة وخفض الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وتشديدها ثمَّ دَال مُهْملَة ثمَّ يَاء نِسْبَة إِلَى بطن من تَمِيم وَكَانَ سني الْمَذْهَب سليما من الْبِدْعَة وَكَانَ أحد أَعْلَام الدُّنْيَا سمع من ابْن الْمُبَارك وَابْن عُيَيْنَة وَغَيرهمَا وَرُبمَا قد ذكرت قصَّته مَعَ ابْن عُيَيْنَة حِين ذكرته وَكَانَ مِمَّن اشْتهر أمره وَعرف خَيره وَلم يسْتَتر عَن الصَّغِير وَالْكَبِير من النَّاس فَضله وَعلمه ورئاسته وسياسته لأَمره وَأمر أهل زَمَانه من الْخُلَفَاء والملوك وَاسع الْعلم بالفقه كثير الْأَدَب حسن الْعَارِضَة قَائِم بِكُل معضلة غلب على الْمَأْمُون حَتَّى لم يتقدمه أحد عِنْده من النَّاس جَمِيعًا وقلده قَضَاء الْقُضَاة وتدابير المملكة وَكَانَ أول ولَايَة تولاها الْبَصْرَة سنة اثْنَتَيْنِ ومئتين بعد إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن الإِمَام أبي حنيفَة وَكَانَ يَقُول من قَالَ إِن الْقُرْآن مَخْلُوق استتيب فَإِن تَابَ وَإِلَّا ضربت عُنُقه وَيُقَال كَانَ ليحيى هَذَا يَوْم فِي الْإِسْلَام وَلم يكن لأحد مثله وَالْعجب كَيفَ أسقط الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق ذكره من طبقاته وَكَانَت كتبه فِي الْفِقْه أجل كتب تَركهَا النَّاس لطولها وَله كتب فِي الْأُصُول كتاب أوردهُ عَن الْعِرَاقِيّين سَمَّاهُ التَّنْبِيه وَجرى بَينه وَبَين دَاوُد بن عَليّ الظَّاهِرِيّ مناظرات كَثِيرَة وَكَانَ من أدهى النَّاس وَأخْبرهمْ بالأمور سَأَلَهُ رجل وَهُوَ على الْقَضَاء فَقَالَ أصلح الله القَاضِي كم آكل فَقَالَ فَوق الْجُوع وَدون الشِّبَع فَقَالَ فكم أضْحك فَقَالَ حَتَّى يسفر وَجهك وَلَا يَعْلُو صَوْتك قَالَ فكم أبْكِي قَالَ لَا تمل الْبكاء من خشيَة الله قَالَ فكم أُخْفِي عَمَلي قَالَ مَا اسْتَطَعْت قَالَ فكم أظهر مِنْهُ قَالَ مَا يَقْتَدِي بك الْبر الْخَيْر ويؤمن عَلَيْك قَول النَّاس فَقَالَ سُبْحَانَ الله قَول فاطن وَعمل طَاعن وَأما يَوْمه الَّذِي يعد لَهُ وَأَنه لم يكن لأحد مثله فَذكرُوا أَن الْمَأْمُون أَمر مناديا يُنَادي بِحل نِكَاح الْمُتْعَة فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ لمُحَمد بن

1 / 315