al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
وَخرج معي من المهجم ثمَّ ركبنَا الْبَحْر حَتَّى أَتَيْنَا الجزيرة فَجئْت الْفَقِيه فَسلمت عَلَيْهِ وأخبرته بقدومي بالطبيب وَقَالَ لَا بَأْس ثمَّ لما كَانَ فِي آخر الْيَوْم الَّذِي قدمنَا بِهِ دَعَا بِابْن ابْن لَهُ وَقَالَ اكْتُبْ ثمَّ أمْلى عَلَيْهِ شعرًا ... وَقَالُوا قد دهى عَيْنَيْك سوء ... فَلَو عالجته بالقدح زَالا
فَقلت الرب مختبري بِهَذَا ... فَإِن أَصْبِر أنل مِنْهُ النوالا
وَإِن أجزع حرمت الْأجر مِنْهُ ... وَكَانَ حصيصتي مِنْهُ الوبالا
وَإِنِّي صابر رَاض شكور ... وَلست مغيرا مَا قد أنالا
صَنِيع مليكنا حسن جميل ... وَلَيْسَ لصنعه شَيْء مِثَالا
وربي غير متصف بحيف ... تَعَالَى رَبنَا عَن ذَا تَعَالَى ... وَلما بلغ قَوْله وَإِنِّي صابر رَاض الْبَيْت رد الله عَلَيْهِ بَصَره وأضاء لَهُ الْمَسْجِد وعاين ابْن ابْنه وَهُوَ يكْتب وتكامل بَصَره بِفضل الله تَعَالَى فَقَالَ لي أعْط الطَّبِيب مَا شرطت لَهُ فقد حصل الشِّفَاء بِإِذن الله تَعَالَى لَا بمداواته وَأورد لَهُ ابْن سَمُرَة شعرًا من الْمُنَاجَاة ... لَيْتَني مت قبل ذَنبي فَإِنِّي ... كلما قلت قد قربت بَعدت
لَيْتَني عِنْدَمَا عصيتك رَبِّي ... لهواني على الرماد ذبحت
لَيْتَني عِنْدَمَا هَمَمْت بذنب ... بوقود الغضا حرقت ففت
يَا رَحِيم الْعباد طرا أَغِثْنِي ... وأجرني فإنني قد هَلَكت
يَا رَحِيم الْعباد إِن لم تُجِرْنِي ... فلنفسي إِذا خسرت خسرت
يَا رَحِيم الْعباد اجْعَل جوابي ... يَا عَبِيدِي قد رحمت رحمت
يَا رَحِيم الْعباد كن لي مجيبا ... لَا تخفني وَقل غفرت غفرت
يَا رَحِيم الْعباد ارْحَمْ خضوعي ... ونداي وَقل عَفَوْت عَفَوْت ... وَكَانَت وَفَاته بالجزيرة على الْحَال المرضي لَيْلَة الْخَمِيس لعشر خلون من ربيع الآخر سنة خمس وَعشْرين وَخَمْسمِائة بعد أَن بلغ عمره ثمانيا وَثَمَانِينَ سنة وقبر إِلَى جنب مَسْجده من جِهَة الْمشرق
وَكَانَ لَهُ ابْن اسْمه عبد الله فَقِيه عَالم بالفقه وَالْأُصُول حسن التَّصَرُّف فِي ذَلِك تفقه بِأَبِيهِ وَكَانَ من الْكِرَام يدان على الْمُرُوءَة ومواساة المحتاجين وَذَوي الِانْقِطَاع
1 / 281