201

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

قَالَ عمَارَة كَانَ يكْتب عَن الْحرَّة الملكة السيدة إِلَى الديار المصرية والأقطار النازحة وَكَانَ من علو الهمة وسمو الْقدر فِيمَا يلْبسهُ ويمتطيه على غَايَة منفية وَجُمْلَة شريفة طريفة وَأسْندَ الْفَقِيه عمَارَة إِلَى بعض من حضر مَجْلِسا لَهُ مَعَ الدَّاعِي سبأ بن أَحْمد وَقد أَرَادَ الْقيام بَين يَدَيْهِ بِشعر فَمَنعه وَرمى لَهُ بمخدة وَأَقْعَدَهُ إِكْرَاما لَهُ وَرَفعه عَن الْحَاضِرين وَكَانُوا أعيانا ثمَّ لم يقتنع سبأ بذلك حَتَّى قَالَ لَهُ أَنْت يَا أَبَا عبد الله عندنَا كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب المتنبي ... وفؤادي من الْمُلُوك وَإِن كَانَ ... لساني يرى من الشُّعَرَاء ... فَأَنْشد حِينَئِذٍ قَوْله ... وَلما مدحت الهبزري ابْن أَحْمد ... أَجَاد فكافاني على الْمَدْح بالمدح فعوضني شعرًا بشعري وَزَادَنِي ... نوالا فَهَذَا رَأس مَالِي وَذَا ربحي شققت إِلَيْهِ النَّاس حَتَّى رَأَيْته ... فَكنت كمن شقّ الظلام إِلَى الصُّبْح ... وَهَذَا من شعره فِي مدح الدَّاعِي سبأ وَمن محَاسِن شعره قَوْله فِي الرسَالَة إِلَيْهِ ... يُقيم الرِّجَال الموسرون بأرضهم ... وَيَرْمِي النَّوَى بالمقترين المراميا وَمَا تركُوا أوطانهم عَن ملالة ... وَلَكِن حذارا من شمات الأعاديا ... وَله الشّعْر الْفَائِق والنثر الرَّائِق مِنْهُ مَا مدح بِهِ السُّلْطَان سبأ بن أَحْمد ... أَبَا حمير إِن الْمَعَالِي رخيصة ... وَلَو بذلت فِيهَا النُّفُوس الكرائم وجدت مطارا يَا ابْن أَحْمد وَاسِعًا ... إِلَى غَرَض لَو ساعدتني القوادم وَمَا أَنا إِلَّا السهْم لَو كَانَ رائش ... وَمَا أَنا إِلَّا النصل لَو كَانَ قَائِم فَلَا تحتقر جفنا يبيت مسهدا ... ليدرك مَا يهوى وجفنك نَائِم فَلَا عَار إِن جَار الزَّمَان وَأَهله ... إِذا لم تخنى همتي والعزائم أَبى الْقلب إِلَّا حبكم وولاءكم ... وَإِن أنفت فِيهِ الأنوف الرواغم تَأمل فكم مَال وهبت ونائل ... بذلت فَلم تثقل عَلَيْك المغارم ... وَمن شعره مَا كتبه على كأس فضَّة

1 / 259