14

Student of Knowledge Between the Trust of Endurance and the Responsibility of Performance

طالب العلم بين أمانة التحمل ومسؤولية الأداء

Publisher

غراس

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م

Publisher Location

الكويت

Genres

وقد وصف ﷺ بذلك خلفاءه من بعده فقال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" ١، فالراشد ضد الغاوي، والمهدي ضد الضال. ولذلك جاءت النصوص بالحث على العلم وطلبه وتحصيله، والحث على زكاء النفس وسلامة القلب ومما ورد في ضرورة زكاء القلب قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور﴾ [الحج ٤٦] . وقوله ﷺ: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد كله وإذا فسدت فسد سائر الجسد كله ألا وهي القلب" ٢. فعلى طالب العلم أن يحرص على سلامة قلبه فذلك الذي ينفعه عند الله قال تعالى: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء ٨٩] والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك، وسلم من البدع، وسلم من الغي، وسلم من الباطل، فهو القلب الذي سلم لعبودية ربه حياءً وخوفًا وطمعًا ورجاءً، فقدم حب الله على حب من سواه، وخوفه على خوف من سواه، ورجاءه على رجاء من سواه، وسلَّم لأمره ولرسوله ﷺ تصديقًا وطاعة، واستسلم لقضاء الله وقدره، وبالتالي سلَّم جميع أحواله وأقواله وأعماله ظاهرًا وباطنًا لله وحده٣. فلا بد أن يطهر طالب العلم قلبه من كل غش ودنس وغل وحسد وسوء عقيدة وخلق، ليصلح بذلك لقبول العلم وحفظه والاطلاع على دقائق معانيه وحقائق غوامضه، فإن العلم - كما قال بعضهم -: صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن، وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر من الحدث والخبث، فكذلك لا يصلح العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته عن خبث الصفات وحدث مساوئ الأخلاق ورديئها.

١ أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/١٢٦-١٢٧، وأبو داود في السنن برقم ٤٦٠٧، والترمذي في السنن برقم ٢٦٧٦، والدارمي في المسند ١/٤٤. ٢ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه رقم٥٢، ومسلم في صحيحه، مساقاة رقم ١٠٧. ٣ مفتاح دار السعادة ١/٤١-٤٢.

1 / 17