258

Khuṭab wa-durūs al-Shaykh ʿAbd al-Raḥīm al-Ṭaḥḥān

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

Genres

.. وقد ورد عن سلفنا الصالح نفي التكييف، عن ربنا الخبير اللطيف، وقدمت في أول هذا المبحث الشريف، نقل ذلك عن طائفة من ذوي القدر المنيف، وسيأتينا في بحث علو ربنا النقل عن خيار سلفنا، بأن الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولذلك قال الشيخ ابن تيمية – عليه رحمة رب البرية –: اتفق السلف على أن التكييف غير معلوم لنا، فنفيت ذلك إتباعًا لسلف الأمة، وهو أيضًا – أي التكييف – منفي بالنص، فإن تأويل آيات الصفات يدخل فيها حقيقة الموصوف، وحقيقة صفاته، وهذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله الجليل، كما قررت ذلك في قاعدة مفردة، ذكرتها في التأويل والمعنى، والفرق بين علمنا بمعنى الكلام، وبين علمنا بتأويله، وهو أيضًا – أي: التكييف – منفي بدلالة العقل، إذ كنه الباري – ﷻ – غير معلوم للبشر (١) .
ثلاثة تنبيهات مهمات:
الأول: ما ذكره شيخ الإسلام – عليه رحمة رب الأنام من الفرق بين العلم بمعنى الكلام، وبين العلم بتأويله، والإشارة إلى أن من التأويل ما لا يعلمه إلا الله الجليل، فقد ورد إيضاح ذلك الكلام، وتفصيله من قبل ذلك الإمام، في رسالته الحموية والتدمرية في أحسن بيان، وإليك ملخص ذلك يا طالب الهدى والعرفان:
لفظ "التأويل" يراب به ثلاثة معان ٍ:
أ) صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح، إلى الاحتمال المرجوح، لدليل يقترن بذلك، وهذا اصطلاح كثير من المتأخرين، وعليه فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهره تأويلا ً على اصطلاح هؤلاء، لأن التأويل صرف اللفظ من الراجح إلى المرجوح، ومن المعنى الظاهر إلى المعنى الخفي.

(١) انظر صفحة (....) من هذا الكتاب المبارك، وانظر مجموع الفتاوى: (٣/١٦٧) .

1 / 258