Sirr Fasaha
سر الفصاحة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
مسرة في قلوب الطيب مفرقها ... وحسرة في قلوب البيض واليلب١
فمن أبعد ما يكون في هذا الباب ولا عذر يتوجه له في الاستعارة للطيب والبيض واليلب قلوبًا تسر وتتحسر.
وذكر القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني٢ صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصمه: أن بعض أصحابه جاراه أبياتًا أبعد أبو الطيب فيها الاستعارة وخرج عن حد الاستعمال والعادة وكان منها هذا البيت الذي ذكرناه وقوله أيضًا:
تجمعت في فؤاده همم ... ملئ فؤاد الزمان إحداها
قال فقلت له: هذا ابن أحمر يقول:
ولهت عليه كل معصفة ... هو جاء ليس للبها زبر٣
فما الفصل بين من جعل للريح لبًا ومن جعل للبيض واليلب قلوبًا وهذا الكميت يقول:
ولما رأيت الدهر يقلب ظهره ... على بطنه فعل الممعك بالرمل٤
وهذا ابن رميلة يقول:٥
هم ساعد الدهر الذي يتقى به ... وما خير كف لا تنوء بساعد
١ البيض: مفردها بيضة وهي الخوذة واليلب الدروع يعني أن الطيب يسر باستعمالها إياه والبيض واليلب يتحسران لأنهما من ملابس الرجال. ٢ هو علي بن عبد العزيز بن الحسين الجرجاني أبو الحسن قاضي من العلماء بالأدب ولد بجرجان وولي قضاؤها ثم قضاء الري فقضاء القضاة وتوفي سنة ٣٩٢هـ في نيسابور من كتبه الوساطة بين المتنبي وخصومه وتفسير القرآن وتهذيب التاريخ. ٣ الزبر: الرأي. ٤ الممعك: من التمعك وهو التمرغ. ٥ هو الأشهب بن رميلة منسوب إلى أمه.
1 / 127