241

Sinacatayn

الصناعتين

Investigator

علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

المكتبة العنصرية

Publisher Location

بيروت

والوجه الآخر إخراج ما لم تجر به العادة إلى ما جرت به العادة؛ كقوله تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ؛ والمعنى الجامع بين المشبّه والمشبّه به الانتفاع بالصورة. ومن هذا قوله تعالى: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ ... إلى قوله: كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ؛ هو بيان ما جرت به العادة إلى ما لم تجربه. والمعنى الذى يجمع الأمرين الزينة والبهجة، ثم الهلاك، وفيه العبرة لمن اعتبر، والموعظة لمن تذكّر. ومنه قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ، فاجتمع الأمران فى قلع الريح لهما وإهلاكهما والتخوّف من تعجيل العقوبة. ومن هذا قوله تعالى: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ . والجامع للمعنيين الحمرة ولين الجوهر، وفيه الدّلالة على عظم الشّأن؛ ونفوذ السلطان. ومنه قوله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ... إلى قوله ﷿: ثُمَّ يَكُونُ حُطامًا ؛ والجامع بين الأمرين الإعجاب، ثم سرعة الانقلاب؛ وفيه الاحتقار للدّنيا والتّحذير من الاغترار بها. والوجه الثالث: إخراج ما لا يعرف بالبديهة إلى ما يعرف بها؛ فمن هذا قوله ﷿: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، قد أخرج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها؛ والجامع بين الأمرين العظم؛ والفائدة فيه التشويق إلى الجنة بحسن الصّفة. ومثله قوله سبحانه: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفارًا ، والجامع بين الأمرين الجهل بالمحمول؛ والفائدة فيه الترغيب فى تحفّظ العلوم، وترك الاتكال على الرّواية دون الدّراية. (١٦- الصناعتين)

1 / 241