Shuhada Tacassub
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genres
فقال ترولوس والفيكونت شارتر معا: الدوق دي جيز؟ فغمغمت الملكة تقول: رباه ماذا أفعل الآن؟
فنهض الفيكونت، واقترب من الملكة، وقال لها: إنما يهمك أيتها السيدة ألا يراك الدوق ها هنا. أجابت: بلا شك يا حبيبي، والويل لي إذا رآني.
وبقي حاكم السجن وراء الملكة بعيدا عنها قليلا، وهو يحرك قبعته بيده حائرا، فقال الفيكونت: يوجد وسيلة يسيرة، وهي أن يرجعني حاكم السجن إلى سجني سريعا فيتبعني الدوق إليه، وإذ ذاك يمكنك الفرار.
قالت: هذا هو الرأي الصواب. فأسرع يا مسيو دي برسان (اسم حاكم السجن ) وخذ السجين إلى سجنه، ودبر كيف شئت كي لا يمر الدوق بالفناء، وإلا فويل لك مني!
فانحنى الحاكم، وأمسك يد الفيكونت، فلما صار إلى عتبة الباب أشار إلى الملكة كي تختبئ وراء الأشجار.
فوثبت كاترين إلى الموضع الذي كان مختبئا فيه ترولوس، ولما رأته أمامها بهتت وارتاعت، وقالت له: من أنت؟ وماذا تفعل ها هنا؟ فأجابها: أنا رجل يهواك أيتها السيدة ويموت فداك.
ولقد وصل الدوق إلى القلعة، وفي نيته استنطاق الفيكونت شارتر، فأبصر مركبة وخدما عند الباب، إلا أنهم بملابس ليست ملابسهم، أما المركبة فقد انتزع عنها الشعار الملكي، ولكن الدوق عرف الخدم، وأحس بإحدى الدسائس الخفية. فدخل القلعة، وأخذ يحقق النظر، ويتفقد كل مكان وكاترين واجفة الفؤاد، واقفة قرب ترولوس. أما هذا فكان مسترسلا في لذة القرب من تلك الملكة غير مفكر في خطر موقفه، وكان كل منهما ممسك أنفاسه، وقد حاول الحاكم إمساك الدوق غير أن هذا وثب إلى الفناء، وسرح بصره في كل ناحية، ثم عاد إلى القلعة فانطبق الباب وراءه، فقالت كاترين: لقد نجونا! فقال ترولوس: لقد وجب الرحيل من هنا أيتها السيدة.
قالت: ويلاه، وكيف ذلك وحرس الدوق عند الأسوار؟ وهل يمكن الخروج من هنا دون أن يروني؟ قال: أيصعب عليك أن تجتازي خندقا؟ أجابت: كلا. قال: إذن فاتبعيني. قالت: إلى أين؟
فلم يجب ترولوس، وخاف ألا تكون الملكة قادرة على المرور مثله في ذلك الخندق، إلا أنه رآها تبتسم، وتشير إلى حجر في زاوية، ثم قالت له: ارفع هذا الحجر.
وذلك لأن الملكة الوالدة كانت تعرف مخارج القلعة السرية التي لا يعرفها إلا أعضاء الأسرة الملكية، وذلك واحد منها. فرفع ترولوس الحجر فأبصر بابا أمامه، فقالت: لندخل، ودخلا، ثم أقفلا الباب بعد أن أرجع ترولوس الحجر إلى موضعه، وسارا في ممر محفور في الجدار حتى وصلا إلى باب مشرف على الخندق ففتحه ترولوس بسهولة، ونزل حتى وصل إلى فم الخندق، ونادى جاليو فأقبل يقول: أين الفيكونت شارتر؟ فأجابه: يستحيل إنقاذه.
Unknown page