147

Sharḥ Tawḥīd al-Ṣadūq

شرح توحيد الصدوق

الموجودات ميز بين القبل والبعد إذ لو لم يوجد الأشياء على الترتيب السببي والمسببي والنظم الطبيعي لم تتحقق القبلية والبعدية، فتحقق القبل والبعد إنما يكون بوجود الأشياء وأما هو سبحانه فهو قبل القبل بلا قبل بمعنى انه موجد القبل في الأشياء فلا أثر للقبلية فيه ولذلك [1] دلت القبلية والبعدية انه [2] سبحانه لا يوصف بهما إذ فاعل الشيء لا يوصف به؛ فكما انه موجود لا كالموجودات وشيء لا كالأشياء فهو قبل لا كالشيء الذي هو قبل وبعد لا كالذي هو بعد وكذلك في سائر الأحكام وهذا هو «التوحيد الحقيقي»- فافهم. هذا الذي قلنا، إنما هو على أن يكون «قبل» و«بعد» في المقامين بمعنى القبلية والبعدية وهو حق المعنى.

ويحتمل أن يكون بمعنى الشيء ذي القبلية والبعدية فالمعنى: انه فرق بين المتقدم والمتأخر بأن جعل الأول قبل الثاني والثاني بعد الأول فيعلم أن لا شيء قبله ولا شيء بعده؛ إذ لو كان كذلك لزم أن يكون لذلك علة، فإن كانت العلة هو عز شأنه فهو المتقدم هذا خلف، وإن كانت [3] ذلك المتقدم فهو أولى بالألوهية، وإن كانت ثالثا فكذلك، مع انه ثبت بالبراهين انتهاء العلل إليه سبحانه.

[وجه انه لا غريزة له تعالى]

شاهدة بغرائزها ان لا غريزة لمغرزها

«الغريزة»: الطبيعة، وهي التي بها يصير الشيء ذا آثار مخصوصة أعم من أن يكون مزاجا أو غيره. وكل شيء سواه جل برهانه فانما له شيء بسببه يصير مبدئا للآثار المختصة به ما خلا الله سبحانه، فإنه الفاعل المطلق وفعله مرسل لا يختص

Page 162