282

Sharḥ al-Talwīḥ ʿalā al-Tawḍīḥ li-matn al-Tanqīḥ fī uṣūl al-fiqh

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

Genres

قوله: "فالأمر قول القائل استعلاء" أي على سبيل طلب العلو وعد نفسه عاليا افعل، واحترز الاشتراك خلاف الأصل ; ولأنه إذا فعل ولم يقل افعل يصح نفيه، وتسميته أمرا مجاز إذ الفعل يجب به سلمنا أنه حقيقة فيه لكن الدلائل تدل على أن القول للإيجاب لا الفعل واللفظ كاف واللفظ كاف للمقصود، وهو الإيجاب، والترادف خلاف الأصل، وإيجاب

السلام للإيجاب "بقوله عليه السلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي" قلنا ليس حقيقة في الفعل؛ لأن الاشتراك خلاف الأصل؛ ولأنه إذا فعل ولم يقل افعل يصح نفيه" أي نفي الأمر أي يصح لغة، وعرفا أن يقال: إنه لم يأمر، ومن هذا الدليل ظهر أن الأمر الذي هو مصدر ليس حقيقة في الفعل الذي هو مصدر لكن لم يثبت بهذا الدليل أن الأمر الذي هو اسم ليس بمعنى الشأن.

...................................................................... ..........................

بقيد الاستعلاء عن الدعاء، والالتماس مما هو بطريق الخضوع أو التساوي، ولم يشترط العلو ليدخل فيه قول الأدنى للأعلى افعل على سبيل الاستعلاء ولهذا ينسب إلى سوء الأدب، وعلى هذا يكون قول فرعون لقومه ماذا تأمرون مجازا، أي تشيرون، والمراد بقوله افعل ما يكون مشتقا من مصدره على طريقة اشتقاق افعل من الفعل، ثم لا نزاع في أن الأمر يطلق على نفس صيغة افعل صادرة عن القائل على سبيل الاستعلاء، وعلى التكلم بالصيغة وطلب الفعل على طريق الاستعلاء، ولهذا قال ابن الحاجب الأمر اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء، واحترز بقوله غير كف عن النهي، ويرد عليه نحو اكفف، اللهم إلا أن يراد غير كف عن الفعل الذي اشتقت منه صيغة الاقتضاء، وباعتبار الثاني، وهو كون الأمر بمعنى المصدر يشتق منه الفعل وغيره مثل أمر يأمر، والآمر والمأمور، وغير ذلك، وكذا القول يطلق بمعنى المقول، وبمعنى المصدر فالتعريف المذكور يمكن تطبيقه على الاعتبارين لكن الأول أنسب؛ لأنه جعل الأمر، والنهي من أقسام الإنشاء والإنشاء قسما من اللفظ المفيد لكن يرد عليه أنه إن أريد اصطلاح العربية فالتعريف غير جامع؛ لأن صيغة افعل عندهم أمر سواء كان على طريق الاستعلاء أو غيره، وإن أريد اصطلاح الأصول فغير مانع؛ لأن صيغة افعل على سبيل الاستعلاء قد يكون للتهديد والتعجيز ونحو ذلك، وليست بأمر، لا يقال: المراد صيغة افعل مرادا بها ما يتبادر منها عند الإطلاق؛ لأنا نقول فحينئذ يكون قيد الاستعلاء مستدركا، وهو ظاهر فإن قيل: ويرد على عكس التعريف قول الأدنى للأعلى افعل تبليغا أو حكاية عن الآمر المستعلي فإنه أمر، وليس على طريق الاستعلاء من القائل؟ قلنا: مثله لا يعد في العرف مقول هذا القائل الأدنى بل مقول المبلغ عنه، وفيه استعلاء من جهته.

Page 283