165

Sharh Talcat Shams

شرح طلعة الشمس على الألفية

Genres

وحكمه نلتمس البيانا ... فنجري فيه حكمه إعلانا أي حكم المجمل إذا ورد في خطاب الشارع أن نلتمس له الدليل الذي يبين معناه، ويظهر المراد منه، فإذا وجدنا البيان حملنا عليه المجمل وفسرناه به، والمراد بالبيان هاهنا هو المعنى الأخص وهو ما يبين المراد بالخطاب المجمل من قول، أو فعل، وللعلماء في تفسيره أقوال شتى منها: قول الصيرفي البيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، والوضوح، قال صاحب المنهاج: وهذا معترض بأنه يخرج عنه البيان الأصلي الذي لم يتقدمه إجمال، حاصله أن تعريف الصيرفي غير جامع لأنواع البيان وإنما هو تعريف لنوع منه وهو ما ورد بعد إجمال.

وأجيب: بأنه إنما أراد تعريف البيان بالمعنى الأخص لا تعريفه بالمعنى الأعم، ومنها قول أبي علي، وأبي هاشم، والباقلاني، أن البيان هو الدليل قال صاحب المنهاج: "ولعلهم أرادوا المعنى الأعم"، وبيان ذلك أن للبيان معنيين: أخص، وأعم، فأما المعنى الأخص فهو ما ذكرناه آنفا، وأما المعنى الأعم فهو خلق العلوم الضرورية، ونصب الأدلة العقلية، والسمعية، ويصدق على كل واحد من هذه الأشياء أنه دليل، والغرض تعريف المعنى الأخص والله أعلم، ومنها قول أبي عبد الله البصري: "أن البيان هو العلم الحاصل عن الدليل"، قال صاحب المنهاج: "وهذا وما قبله من تعريف أبي علي أنهما قاصران"، أقول: ووجه قصورهما أن التعريف الأول غير مانع من دخول غير المقصود، وأن التعريف الثاني مقتصر على بيان ثمرة البيان، والكلام في تعريف البيان نفسه فتقسيم البيان إلى أعم، وأخص، ثم تعر يف كل واحد منهما بما قدمنا ذكره أولى والله أعلم.

ثم أنه أخذ في بيان جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة فقال:

وجائز تأخيره من قبل ... حاجتنا له بفرض الفعل

وبعدها فلا يجوز قطعا ... إذ لم نكلف المحال شرعا

أي ليس من حكمة ذي الجلال ... تكليفه العباد بالمحال

أي يجوز تأخير البيان عن وقت ورود المجمل إلى وقت الحاجة إليه.

Page 183